علي فضيل العربي يكتب | التعليم قبل الديمقراطية (١-٢)

0 221

يعبّر مصطلح الديمقراطية عن نظام حكم الشعب . فـ ( ديموس ) تعني السلطة و الحكم و( قراطوس ) تعني الشعب . و قد وضع أهل أثينا هذا المصطلح لدعم حرية التعبير عن الرأي . و قد بلغت الديمقراطيّة الأثينيّة أوجّها السياسي ما بي عامي 460 و 429 ق. م ، و لقيت دعما كبيرا من الخطيب الأثيني (بريكليس).
يذكر المؤرخون ، بأنّ ( سولون ) ، هو أول من فنّن الديمقراطيّة الأثينيّة و شرّع لها ، ما بين القرنين السابع و السادس قبل الميلاد . حيث سمحت تشريعاته بإنقاذ أثينا من الحرب الأهليّة ، و تحرير العبيد و منع استعباد الناس بسبب عجزهم عن سداد ديونهم و عودة المنفيين و نيل حقوقهم التي سلبت منهم في الفترة السابقة من الحكم الأثيني ، و وضع حدّ لحكم الأثرياء بقيادة ( إساغوريس ) ، و بداية حكم ديموقراطي قائم على نظام المجالس و الاقتراع الشعبي .
كما يعتبر ( كليسثنيس ) المولود حوالي عام 510 ق . م أيضا ، بأب الديمقراطيّة ، حيث قام بانقلاب في أثينا و أرسى نظاما ديمقراطيّا أثينيّا.
و ” يتميز النظام الديمقراطي بتأكيده على الجوانب الانسانية التي ترى في الإنسان القيمة العليا ، لذا فهو يستمد فكره ومبادئه من قيم الحرية والعدالة وسلطة القانون ، فالنظام يتوخى تطبيق الديمقراطية من خلال المشاركة الشعبية لذا فأن الشعب فيه هو مصدر السلطات *
“.. وبشكل عام يمثل النظام الديمقراطي شكلا من اشكال النظم السياسية التي تقوم على أساس المشاركة الشعبية في المجال السياسي واختيار الممثلين عن الشعب الذين يُرى فيهم الكفاءة لإدارة شؤون الدولة وتمثل تلك المشاركة الركيزة الأساسية في نجاح النظام أو فشله ، وما يمكن أن يحقق تطلعات الشعب وأهدافه المتوخاة في الحكم الصالح , ” **

هذا عن الديمقراطية في العهد الأثيني القديم ، و عند الأوربيين . فماذا عن الديمقراطيّة في المجتمعات المتخلفة عن الركب الحضاري و التمدنّ و المعاصرة ؟ هل تصلح الديمقراطيّة و تنمو بذورها و تثمر في عقول قاحلة ، تكبّلها الأميّة البسيطة و المركّبة ؟ كيف يمارس المواطن الأمّي ، في مجتمع متخلّف ، حقّه الديمقراطي ، و هو يجهل معانى الحريّة و المسؤوليّة ، و مفاهيم المواطنة و الحقوق و الواجبات ؟
جاء في كتاب ماثيو أرنولد ” في الديمقراطية ” قوله : ” يبدو أن مجتمعا يأخذ كل يوم بالمزيد من الديمقراطية ، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عمن أو كيف ستعبر الأمة عما تريده بوضوح وقو ة ؟… هذا هو السؤال الخطير … فالمجتمع لا يستمد قيمته الحقيقية من عدد ضخم من أناس أحرار فعّالين ، ولا من ثروته وإنمائها ، بل مما يبدعه من نبل وما يبلغه من مكانة مرموقة ، وسمعة حسنة ”
وهو بذلك يربط بين قوة وسلطة الشعب في النظام الديمقراطي والمستوى التعليمي والثقافي له ، فالحرية التي تتيحها الديمقراطية سواء في اختيار ممثلي الشعب أو في التعبير عن قناعته في مسألة ما تمثل عامل خطورة في مجتمع لم يتثقف على أسس الديمقراطية سواء من مجوع الشعب أو من قبل بعض السياسيين الذين لا يقدرون الثقة التي منحها الشعب لهم باختيارهم كنائبين عنه . وقد يكون ذلك واحدا من أسباب تأخر انتشار الديمقراطية ، فبالرغم من قدم ظهور الديمقراطية إلا أن اتخاذها نموذجا ونظاما للحكم كان بطيئا ، وسار عبر مراحل زمنية عدة وصراع شعيب مرير لانتزاع الحقوق والخلاص من جور السلطة الحاكمة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.