عمرو نبيل يكتب | الانتخابات الرئاسية والمعادلة الثلاثية

0 462

بنص الدستور يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، وأساس “التعددية السياسية” التباين بين توجهات الأحزاب السياسية، وهذا التمايز جوهر عملية “تداول السلطة” التي بمثابة تغيير لتوجهات السلطة السياسية، فـ “التعددية السياسية” و”تداول السلطة” وجهان لعملة واحدة، فبدون “التعددية” يفرغ “التداول” من مضمونه، وتأكيداً على مبدأ “تداول السلطة” نص الدستور على أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، فإذا كان “التداول” ملزم دستورياً فماذا عن “التعددية”؟
الحديث عن التعددية يثير قضية تصنيف القوى السياسية، فمنذ ما يقرب من خمسين عاماً دشن الرئيس السادات ثلاثة توجهات سياسية: “اليمين”، “الوسط”، “اليسار”، ويرى خبير الأحزاب السياسية المصرية د.عمرو هاشم ربيع أن مصر بها أربعة تيارات سياسية “الليبرالي” و”اليساري” و”الإسلامي” و”الوسط”، وإذا كان هذا هو التصنيف السياسي من أعلى من السلطة أو النخبة، إلا أن التنافسية السياسية بين الناخبين على الأرض دائماً ما تأتي بمعادلة ثنائية يتزامن معها سعي رموز سياسية لتدشين طرف ثالث، مؤكدةً على أن هناك كتلة معتبرة من المجتمع المصري لا تنتمي لطرفي هذه المعادلة الثنائية، فقبل 25 يناير كانت التنافسية بين الحزب الوطني المنحل (سلطة) وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة (معارضة)، ثم أصبحت بعد 25 يناير وحل الحزب الوطني بين جماعة الإخوان المسلمين المحظورة (سلطة) والقوى المدنية والثورية (معارضة)، وبعد 30 يونيو بين المولاة والمعارضة، وفي ظل هذه الثنائية تتجدد الدعوات لتدشين طرف ثالث تعددت مسمياته ما بين “التيار الرئيسي المصري” و”الطريق الثالث” وغيرها.
وبالنظر للمعادلة السياسية التي أفرزتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة يتضح لنا أن المعادلة السياسية الثلاثية لازالت مستعصية، فلقد أعلن ستة مرشحين محتملين عن عزمهم خوض السباق الانتخابي الرئاسي، وعلى الرغم من تنوع انتماءاتهم الحزبية والسياسية ألا أن حديث الناخب كان يدور حول معياراً واحداً لتصنيفهم وهو: هل المرشح مع أم ضد السياسات الحالية؟ وإشكالية ثنائية التصنيف السياسي لموالاة أو معارضة تتمثل في عدم التركيز على تباين السياسات والبدائل الواقعية وأثرها على القطاعات التنموية حال وصول أصحابها للسلطة، الذي هو جوهر “التعددية السياسية” و”تداول السلطة”، فالتعددية والتداول يتطلبان من الأحزاب السياسية القدرة على العمل السياسي سواء كانت في إطار السلطة بتنفيذ سياساتها أو في إطار المعارضة بطرح سياسات واقعية بديلة.
وبالتالي فكسر الحلقة المفرغة لثنائية الموالاة والمعارضة وتدشين معادلة سياسية ثلاثية يتطلب من القوى السياسية إعادة النظر في سياساتها وخطابها السياسي، كي تتأكد من أنها تمتلك سياسات واقعية ومن قدرتها على إقناع الناخب بآثار سياساتها الإيجابية على أوضاعه المعيشية، لتحظى بتأييد شعبي وقوة انتخابية تؤثر في المعادلة السياسية، والحقيقة أن برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأخيرة تمثل بداية جيدة لهذا المسار، حيث يمكن البناء عليها خلال السنوات الستة القادمة التي ستتخللها انتخابات برلمانية ومحلية ستمثل فرصة لتسويق سياسات الأحزاب وتقوية بنيتها التنظيمية مع استمرارية التغطية الإعلامية لمواقف قياداتها السياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.