عمرو نبيل يكتب | سؤال القضية المصرية

0

في الأوقات التي تتكالب فيها الأزمات على الأوطان تنشأ الخلافات حول الأولويات، ولأن الوحدة مصيرية لمواجهة التحديات يكون من الأهمية بمكان طرح سؤال القضية المصرية كي تلتف حولها الجهود الوطنية.
بدت القضية المصرية في “25 يناير” محلية تهدف إلى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لكنها سرعان ما تحولت لقضية إقليمية بعدما تبين أن الثورة الشعبية تم اختطافها لصالح مشاريع إقليمية، ما دفع القوى الوطنية في “30 يونيو” لإجهاض هذه المحاولات، ما أدى لانقسام دول المنطقة ما بين مؤيد ومعارض لها، ثم في “7 أكتوبر” باتت القضية المصرية عالمية بالكشف عن رعاية قوى عالمية لهذه المشاريع الإقليمية، وأنها تأتي في إطار استعداداتها لعالم ما بعد القطبية الواحدة، كمحاولات ربط الهند بأوروبا عبر “إسرائيل” وتهجير الفلسطينيين لسيناء.
لم تكن القضية المصرية يوماً محلية ولا حتى إقليمية فحسب، فهذا قدر جغرافية مصر على مر الزمان، أنها تقع في قلب العالم ومصالحه وتحولاته، ولذلك لا يسمح لمصر بـ “الكمون الاستراتيجي” للتركيز على إعادة بناء قوتها الشاملة، نظراً لتأثير وتبعات نجاحها في ذلك على موازين القوى، فعلى الرغم من استبعاد أجندة “الحوار الوطني” لقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي، إلا أن هذه القضايا فرضت نفسها على الساحة السياسية وعلى الانتخابات الرئاسية، فكما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن “إن التفرقة بين السياسة المحلية والخارجية قد انتفت”.
في ظل المستجدات المحلية والإقليمية والعالمية من أزمات اقتصادية وحروب إقليمية وتنافسية عالمية متعددة القطبية، فإن الإجابة على “سؤال القضية المصرية” باتت تتطلب بلورة رؤية استراتيجية لـ “الجمهورية الجديدة”، لإعادة تموضع المصالح القومية في قلب قضايا الأمن والاستقرار والتنمية الإقليمية والعالمية، فتفاعل مصر مع إقليمها وعالمها وتأثيرها وتأثرها بالقضايا الإقليمية والعالمية كان جوهر جهود الحركة الوطنية المصرية عبر تاريخها الحديث، وجوهر الأمن القومي المصري والعربي.
لقد شهدت الفترة الماضية تفاعلات هامة داعمة لبلورة هذه الرؤية الاستراتيجية، من “حوار وطني” ضم كافة القوى السياسية، وكشف حساب هام للمسار التنموي خلال السنوات الماضية بمؤتمر “حكاية وطن”، ودعوة الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي لكافة القوى الوطنية للمشاركة في بلورة برنامجها الانتخابي، والاستجابة الشعبية لدعوة الرئيس السيسي للتظاهر دعماً للقضية الفلسطينية ورفضاً للتهجير، وزيارة حكومية بمشاركة شعبية لسيناء لتدشين مرحلة تنموية طموحة.
ما يشكل حاضنة شعبية لرؤية “الجمهورية الجديدة” الاستراتيجية للقضايا الأمنية والتنموية محلياً وإقليمياً وعالمياً، لتدشين مشروع استعادة مصر لريادتها الإقليمية ودورها القيادي بـ “جنوب عالمي” آخذ في التبلور كوريث لحركة “عدم الانجياز”، عبر بلورة رؤية لمواجهة التحديات العربية لتعبئة القوى الإصلاحية بالمنطقة بعيداً عن الانحيازات الايديولوجية، رؤية لمواجهة مسببات أزمات دول العالم الثالث التنموية بالاستفادة من حالة التنافسية القطبية العالمية لانتزاع مكاسب تخفف عن الشعوب معاناة الحروب والأزمات الاقتصادية والكوارث البيئية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.