عواطف عبد الرحمان تكتب | لماذا يغيب الأدب العربي عن جائزة نوبل؟ (3)

0 366

يرى الكاتب العراقي زهير كريم أنه “في كل مرة، تعلن جائزة نوبل عن اختيارها، تشتعل المنصات الاعلامية، بآراء متناقضة حول الاستحقاقات”، وأنه “دائما هناك من يرى ان مرشحه للجائزة هو الافضل” قائلا “في النهاية لجنة نوبل هي من تقرر، واعتقد ان آليات وشروط منح الجوائز بشكل عام مرتبطة برؤية اللجنة، هم اساتذة ومختصون، لكننا لا نستبعد تماما التأثيرات السياسية في قرار الاستحقاق”.
يضيف كريم “في ما يتعلق بالأدب العربي، اعتقد وبشكل بسيط، ان الترجمة الى اللغات الاخرى، هي السبب في ألا يكون لهذا المنجز حضور مثير للاهتمام، بالطبع هناك ادب عربي يستحق جائزة مثل هذه، لكنها الترجمة” متابعا “مثلما نتفاجأ نحن العرب بفوز كاتب لم يُترجم الى العربية، او تُرجم له كتاب واحد، بينما الحقيقة أن القارئ الناطق بالاسبانية او الفرنسية او الانقليزية مثلا، قرأ له كتب كثيرة لم نسمع بها نحن”.
من جهته قال الشاعر السوري فواز القادري “بداية، نخطئ كثيرًا ونحن ننتظر نتائج جائزة نوبل، مهما كانت هذه الجائزة مهمّة، رغم أننا نعرف، أن مجرّد الانتظار بهذه اللوعة والترقّب، يدلّ على فقرنا الشديد وضعفنا، ونحن نعرف أننا في حالة غير سويّة، وكأننا ننتظر المستحيل” لافتا إلى انه لا فائدة من استعراض الآلية التي يتم بها ترشيح الأدباء إلى الجائزة.
وتابع القادري “هذه الآلية التي تقودها وتشرف عليها هيئة، لا نطلق عليها هيئة مكونة من الملائكة، وبالمقابل هي ليست متهافتة إلى درجة الابتذال، ليست منزّهة وكاملة التنزيه، هي مثلها مثل الكثير من السياسات الدوليّة غير المعصومة، ولكن في المقابل، لا يجب أن ننظر بعين واحدة، ونتصوّر أننا من دون البشر، مستهدفون من قوى شبحيّة، تعرقل تطوّرنا وتحرمنا من جوائز نحن جديرون بها.. هذا لا يعني إذا تلمّسنا ما يشير إلى أمر كهذا أن نغلق أعيننا ونسكت!” مضيفا “الأفضل أن نعود إلى أسباب واقعنا الثقافي المتردّي، وللآليات التي يتمّ بها رفع أسماء إلى مراتب لا يستحقّونها، في الوقت الذي يتمّ طمس قدرات موهوبة يمكن أن تمثُل تطلعات حقيقية وجديرة بتمثيل أدبنا المكتوب باللغة العربية”.
أما الشاعر الاماراتي طلال سالم (الشارقة) فقد اعتبر ان الادب العربي لا يغيب عن جوائز نوبل فحسب وانما عن الجوائز العالمية بشكل كبير قائلا “المبدع العربي يغيب عن تمثيل نفسه تمثيلا جميلا وذلك بسبب الارث العربي الممتلئ بالأنا.. المبدع العربي ما زال مرتبطا بذاتيه وبالمجتمع وبالافكار المؤدلجة عبر الزمن وذلك لا يسري على الابداع العربي الذي لم يصل الى الان الى الانسانية العالمية التي تناشدها الجوائز في مجالات شتى وخصوصا في مجال الترجمة”
وأضاف سالم “لم يترجم الابداع العربي ترجمة كبيرة اذ يغيب المترجم الذي يوصل صوت المبدع العربي ويغيب المبدع العربي مع نفسه لانه لم يحقق حتى الان ذلك الانتشار الحقيقي في الابداع العالمي وبالتالي نحتاج قضايا انسانية خارج نطاق الادلجة ليصل صوت المبدع العربي الى العالم وهنا نحتاج نهضة فكرية ادبية تصاحبها نشر الكتب بالطريقة الصحيحة العالمية…” متابعا “لا يوجد نشر وترجمة على مستوى عالمي يصلان بالمبدع الى ما هو ابعد من آفاقه “.
وأردف “انا اؤمن بأن الابداع حالة فردية وبأن المبدع يتحمل كامل مسؤولية في ايصال صوته ثم نحن نحتاج نهضة جماهيرية فكرية للوصول بالفكر العربي الى الانسانية العالمية ومناقشة قضايا كبيرة.. ثانيا ليس للمبدع العربي مشروع وهنا تأتي اهمية المشروع الابداعي للكاتب …”.
الكاتب والشاعر العراقي أمين سعدي قال إنه منذ حصول الأديب المصري نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1988 وحتى اليوم لم يحصل الأدب العربي على تلك الجائزة رغم وجود أسماء كثيرة مثل الشعراء أدونيس ومظفر النواب ومحمود درويش وروائيين مثل عبد الرحمن منيف وجبرا ابراهيم جبرا وواسيني الأعرج وآخرون، مذكرا بقول الكاتب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز عن جائزة نوبل في احدى مقالاته ” إن الجائزة أخطأت أحيانا أصحابها وأحيانا ذهبت إلى من لا يستحق”.
وأرجع سعدي اسباب غياب الادب العربي عن الجائزة إلى سببين، الأول هو غياب الشفافية والمساواة وحضور التمييز والتسييس لدى الأكاديمية السويدية مذكّرا بفضائح كثيرة في هذا المجال، والثاني يتعلق بتقاعس الترجمة عن تعريف الغرب بالأدب العربي من ناحية ان الاكاديمية تتعامل بخمس لغات ليس من ضمنها العربية، وكذلك عدم تعاون الجهات المعنية والحكومات العربية مع الكاتب أو الاهتمام بانتاجه الأدبي، كون تلك الحكومات تأخذ ما يناسب سياساتها وتهمل البقية.
الشاعر الاردني هشام البستاني يرى بدوره ان المشهد الأدبي العربي تحكمه عوامل عدّة تجعله غير ظاهر على الإطلاق على مستوى العالم، مضيفا “لذلك تغيب مبادرات الترجمة الجادة والواسعة من العربيّة إلى اللغات الأخرى، كما تتسلّط الحكومات على الثقافة والأدب لدواعي ترسيخ هويّاتها “الوطنيّة” والولاء للحكّام من جهة، او باعتبارها زينةً وتزويقًا لوحشيّتها وقمعها من جهة ثانية.”. لافتا الى أن السّلطة في العالم العربيّ تعمل في كلّ الأحوال، على استخدام الأدب والثقافة كأدوات إلحاقيّة للمثقّفين، وتحويلهم إلى متسوّلين على أبوابها، يتسوّلون دعم النشر والاعتراف والجوائز والشهرة… الخ. هكذا،..”.
وتابع البستاني “يزخر المشهد الادبي العربيّ عمومًا (وهو تحت سيطرة السلطة) بالرداءة أو بالعاديّة، ويهمّش الإبداع الجاد والنقديّ والفنيّ والتجريبيّ، ويصدّر للخارج (عبر هذه الآليات التي تتحكّم بها السّلطة، ومن خلال ترجمة أعمال الحائزين على الجوائز التي تقدّمها السّلطة، خصوصًا في الخليج) أدب يسيء تمثيل المشهد الأدبيّ العربيّ فنيًّا وإبداعيًّا، مضيفا “من الطبيعي والحال هذه، أن يغيب الأدب العربي لا عن جوائز نوبل فقط، بل عن المشهد الإبداعي العالمي عمومًا. طبعًا لا بدّ من الاستدراك بأن جائزة نوبل هي جائزة “أوروبيّة” عمومًا، وتلتفت نادرًا إلى من هم خارج المدار الأوروبيّ-الأميركيّ”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.