محمد السباعي يكتب | روح أكتوبر والجمهورية الجديدة

0 222

نحتفل باليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر المجيدة تلك الحرب التي تُعتبر من أعظم وأشرف الانتصارات العسكرية المصرية في العصر المعاصر وما ترتب عليها من تغيرات وتأثيرات على الوضع الإقليمي والدولي بالإضافة الي تأثيرها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخلياً.
لا يفوتنا الاشارة الى عامل اساسي لتحقيق ذلك الانتصار ألا وهو ما أُطلق عليه ” روح أكتوبر ” تلك الروح الثورية والوحدة الوطنية والتضحية التي تجسدت في حرب أكتوبر عام 1973 من كافة طوائف الشعب المصري.
في ذلك الوقت، كانت مصر تعاني من عواقب الهزيمة في حرب 1967 مع إسرائيل، وكانت ورغم من ذلك كان هناك إصراراً لاسترداد أرضنا المغتصبة ورد الصاع صاعين وإثبات أن الشعب المصري لا يتهاون في أرضه أو كرامته، وعلى مدار ٦ سنوات كان لا يعلو صوت فوق صوت المعركة، وتكاتف كل طوائف الشعب للاستعداد للمعركة ولم يكن هناك مثقال ذرة شك أن النصر قادم لا محاله
وعلى الرغم من الممارسات الهادمة من أذيب وشائعات تستهدف الروح المعنوية للشعب المصري إلا أنه تم مجابهتها والتغلب عليها وعلى رأسها أكذوبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، إذ استطاع الجيش المصري عبور قناة السويس وتدمير خط الدفاع “الإسرائيلي” الحصين المعروف بخط “بارليف”، الذي قيل أنه لا سبيل لمواجهته إلا السلاح النووي وتجسدت عبقرية الجندي المصري بتطويع ذلك العملاق فقط بالماء.
وحقاً صدقت رؤية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة” وبالفعل كان من أهم سُبل الاستعداد والتجهيز لتلك الحرب المجيدة هو المحافظة على الروح المعنوية لرجال القوات المسلحة التي تدهورت أيام النكسة 1967، واستعادة الثقة بالنفس والقدرة على التخطيط العلمي السليم، بالإضافة إلى أنها رفع الروح المعنوية الشعب المصري عامة وتكاتفه، وأكدت قدرتنا على استرداد حقوقنا المشروعة وإعلاء كلمة الحق.
ورغم التحديات والصعوبات التي واجهتها القوات المصرية، استمرت الروح القتالية والإصرار في الدفاع عن الأرض والعرض. وبفضل التضحيات الكبيرة التي قدمها الجنود المصريون وقادة الجيش وكافة قطاعات الدولة المصرية كلاً في مجاله، أثبتنا للعالم قدرة مصر على مواجهة إسرائيل وتحقيق انتصارات عسكرية، والذي برز في توثيق وشهادة المؤرخين وكبار القادة العسكريين من مختلف دول العالم، وتعليقات الصحافة والعديد من الكتب التي أرّخت لحرب أكتوبر.
ونذكر هنا أبرز تعليقات الصحافة الأجنبية عن حرب أكتوبر 1973: ومنها ما ذكرته صحيفة الديلي تلجراف البريطانية في السابع من أكتوبر ١٩٧٣ ” لقد غيرت حرب أكتوبر – عندما اقتحم الجيش المصري قناة السويس ، واجتاح خط بارليف – غيرت مجري التاريخ بالنسبة لمصر وبالنسبة للشرق الأوسط بأسره”.
وكما نشرت صحيفة التايمز البريطانية عن حرب أكتوبر 1973 “كانت الصورة التي قدمتها الصحافة العالمية للمقاتل العربي عقب حرب 67 هي صورة مليئة بالسلبيات وتعطي الانطباع باستحالة المواجهة العسكرية الناجحة من جانب العرب لقوة إسرائيل العسكرية وعلى ذلك يمكن أن نفهم مدي التغيير الذي حدث عقب أن أثبت المقاتل العربي وجوده وقدراته وكيف نقلت الصحافة العالمية هذا التغيير على الرأي العام العالمي”
وبينما علقت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في صباح السابع من أكتوبر “إن المصريين والسوريين يبدون كفاءة عالية وتنظيماً وشجاعة، لقد حقق العرب نصراً نفيساً ستكون له آثاره النفسية .. إن احتفاظ المصريين بالضفة الشرقية للقناة يعد نصراً ضخماً لا مثيل له تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأن العرب لا يصلحون للحرب “.
وقد ألقت صحيفة الفينانشيال تايمز البريطانية 11/10/1973 الضوء على صلابه الجيش المصري من خلال التصريح ” إن الاسبوع الماضي كان أسبوع تأديب وتعذيب لإسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم ، كما أن الإسرائيليين تملكهم الحزن والاكتئاب عندما وجدوا أن الحرب كلفتهم خسائر باهظة وأن المصريين والسوريين ليس كما قيل لهم: “غير قادرين علي القتال”.
وهذا على سبيل المثال لا الحصر حيث صدرت كتابات عديدة في أنحاء كثيرة من العالم في أعقاب حرب أكتوبر 1973 توثق بطولات الجيش المصري وقدراته وتُلقي الضوء على عظمة وجلال تلك المعارك التي ساهمت في المقام الاول في هدم الاكاذيب التي كانت تروج عن قدرة الجندي الاسرائيلي الذي صُدم بمواجهة الجندي المصري لأول مره، حيث أن نكسة يونيو ١٩٦٧ لم تكن حرباً مباشرة بالمعني الحقيقي ولم تتاح الفرصة للجندي المصري للمواجهة وإظهار قدراته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.