محمود أبو خضرة يكتب | الديمقراطية من رحم 30 يونيو

1 731

إن الوعي بقضايا الوطن وأسس المواطنة مسألة غاية الأهمية لكل من يعيش على أرضه ويدفن تحت ترابه. والديمقراطية هي أهم الأسس للمواطنة الحقيقية، فهي الطريقة التي يمارس فيها الشعب السلطة من خلال اختياره لمن ينوب عنه برلمانيا ورئاسيا، باعتبارها النظام السياسي الذي ارتضينا لأنفسنا وتعاقدنا على أن نحقق من خلاله أهدافنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نادي بها الشباب المخلص الوطني في ثورتي الـ 25 من يناير والـ 30 من يونيو، تحت شعار (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية).
هنا يجب أن نقف ونتساّل: هل تحققت الديمقراطية بعد هاتين الثورتين؟ في الحقيقة إن بعد 25 يناير لم تتحقق الديمقراطية، وغاب الوعي، وتيسرت الخديعة، واختلت موازين النزاهة واقتنص الإخوان السلطة وراء ستار الديموقراطية، كان همهم الأول والأخير مصلحة الجماعة الشخصية في إطار توجهاتهم الدولية دون النظر لتلبية احتياجات كافة فئات هذا الشعب البرئ.
أصبحت مصر حينئذ بلا مؤسسة حكم، وبلا دستور، وبلا برلمان، وبلا مؤسسات دولة حقيقية، باستثناء المؤسسة العسكرية، وكان هناك العديد من معوقات تحقيق الديمقراطية كالاّتي:
عدم وجود حلول معينة للعدالة الإجتماعية، انتشار الأمية والجهل والوعي الزائف والمنقوص، انتشار الفوضى بالشارع المصري، انتشار الشائعات والأخبار المغلوطة من الجماعات المتطرفة، تزايد حدة الإحتجاجات الشعبية، سوء استخدام موارد الدولة، التعصب الفكري دون النظر إلى تعاليم الدين الصحيح، ضعف دور المجتمع المدني من جمعيات ونقابات والمؤسسات المسؤولة عن العمل الديمقراطي داخل المجتمع، مما أدى إلى ضعف مشاركة بعض أفراد المجتمع، وأحجام البعض الآخر عن ممارسة أدوارهم السياسية فى المجتمع.
حتى ظل أمل إقامة حياة ديمقراطية سليمة هو الهدف الغائب والمفقود عن كل أنظمة الحكم عبر التاريخ مرورًا بمراحل عدة حتى تبلورت ووصلت إلى الديمقراطية السليمة بعد ثورة 30 يونيو العظيمة.
حيث ورد في دستور ٢٠١٤ المادة رقم ٤ “أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المصريين”.
والسؤال هنا: كيف تحققت الديمقراطية في جمهورية 30 يونيو الجديدة؟
1-حماية حقوق الإنسان، وصيانتها ضد كل ماينتقص منها أو يعيقها كما ورد في إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
2-تحقيق معدلات مرتفعة من الرخاء والتنمية الشاملة على كل الأبعاد بالدولة.
3- العدالة الاجتماعية من خلال تمكين الشباب وضخ دماء جديدة بكافة القطاعات بالدولة دون تمييز، فضلًا عن إطلاق أكبر مشروع قومي في تاريخ مصر، وهو مشروع “حياة كريمة” الذي يستهدف كافة فئات الشعب.
4- التعددية السياسية، ومن ثم الإستقرار السياسي والإجتماعي داخل المجتمع، وترسيخ قيم التعددية الثقافية، والتسامح واحترام وقبول الآخر.
5- زيادة المشاركة المجتمعية والإستفادة من القدرات والكفاءات الوطنية، بما في ذلك مشاركة الشباب في المؤتمرات الوطنية ومنتدي شباب العالم، بمثابة خلق حلقة وصل بين الشباب والقيادة السياسية، وذلك لتوصيل آرائهم ومقترحاتهم ومشاركتهم في صنع القرار بالدولة.
6- اتاحة فرص متكافئة للإبداع وممارسة الإبتكار في ظل وجود واقع افتراضي وسوق عمل متطور بشكل يومي. 7- توفير مناخ يسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
– تحقيق الأمن الشخصي للمواطن، وصولًا لإلغاء قانون الطوارئ مؤخرًا.
إنها الديمقراطية الحقيقية التي ولدت من رحم ثورة 30 يونيو العظيمة، ليهُم الوجدان، ويتوثب العقل نحو بناء الجمهورية الجديدة وذلك بمشيئة رب وبإرادة شعب وبجدارة قائد.
خلاصة القول: إن تحقيق الديمقراطية يتطلب من الجميع المشاركة الإيجابية في صنع القرارات واتخاذها وتحمل مسؤولية اختيارها، وكذلك احترام الرأي والرأي الآخر، فالوطن يتسع للجميع، والإختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، مما يسهم في تحقيق الإستقرار والمساواة بين أفراد المجتمع، بما ينعكس على رسم طريق تنموي ممتد وآمن، تخطوا عليه رئاسات تالية في عقود مقبلة، في ظل وجود شعب واعِ ومدرك بالمسؤولية الوطنية.

* محمود أبو خضره، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

تعليق 1
  1. محمود يقول

    أحسنت و أبدعت فيما لخصت من نقاط محورية حول نشأة و تطبيق الحياة الديمقراطية في مصر ما بعد الثورة التي أسميها المنفذة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.