مي وائل تكتب | أبي .. رجل كالملائكة

0 177

في بيتنا البارد المعتم كان أبي يصرُّ دائمًا على فتح النوافذ لإدخال الشمس والنور ولا يعلم أنه النور والدفيء لبيتنا وقلوبنا، في بيتنا الصامت كانت ضحكة أبي كفيلة بأن تشعرنا أن حفلة مزدحمة بالأصدقاء في المنزل، كان لنا كل شيء ذلك المنزل لم يكن لي كان للعائلة، لكن منزلي كان أكبر وأعظم كان” أبي منزلي”. أجواء المنزل تتحول إلى مقامات الحزن وصوته الدافئ يبقى يتردد في ذاكرتي، لا يوجد كلمات تعبر عن الألم والفراغ بداخلي، اشتقت لأبي وكأنه رحل عنى بالأمس. تُرى كم هو مُظلم منزلنا بدونه ما بالك بقلبي، كان يكفيني من الدنيا أره أبي بجانبي، يكفيني أنه حين تقسو علي الحياه أجده بجانبي، كان يكفيني أن اختبئ بين زوايا صدره عندما أشعر بالضعف، كان يكفيني أن يتمسك بالحياة لأخر لحظه في عمره لكي لا يتركني بدونه، أبي فقد معايير المقارنة حد السماء لا أحد يشبه قلبه الحنون، أريد أن أخبر العالم أن أبي كان اليُسر الوحيد من بين عُسر العالم، أريد أن تمر الأيام ومسك يده بالجنة وقول، نحن هنا أخيرًا، قد استغرق الوقت أعوام حتي أدرك معني موت أبي، ومازال عقلي يرفض تلك الفكرة الذهاب بلا عودة، كان حذاء أبي مزلاج البيت، يكفي أن ننظر إليه حتى نشعر بالأمان. الفردتان ملتصقتان دائمًا وبزاوية مستقيمة بينما تتناثر أحذيتنا في الجانب الآخر. لا نخاف الليل ولا الكوابيس ولا حتى اللصوص طالما بقي في مكانه. حين يغادر يتسلل إلينا الفزع، ما كانت كل الأقفال تهبنا الطمأنينة.” وعندما يرحل للدار الآخرة ستدرك أن ما حدث لأبيك ليس بعيدًا عن أحد، ما أغرب أن ترى أباك في الصباح وتتحدث وتضحك معه ثم تعود في المساء فتجده جثة وتواريه الثري في اليوم التالي، سيدهشك أن أباك؛ ذلك الكائن الراسخ الذي شَكَّل دائمًا عمود حياتك قد تحول فجأة إلى ذكرى وها أنت تتحدث عنه فتضيف جمله الله يرحمه! رمم الله قلبي الذي ملأته الدنيا شقوقًا وحزنًا على فراقه يا الله، وأجعله لمحتي الأولي في الجنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.