نور الشيخ يكتب | فخ الصفحات الوطنية

0

عالم الحرب النفسية والشائعات هو عالم ديناميكى متطور للغاية لا يمكن إيقافه، متعدد الإستخدامات والأساليب بدرجة رهيبة حتى أنه فى بعض الأوقات لا يمكن للإنسان العادى التفرقة بين الحقيقة والشائعة من قوة إحكامها وصلابة أركانها، ولا يمكن السيطرة عليه سوى بمزيد من جرعات الوعي، وخصوصًا في العالم الرقمي الحالي ومنصات التواصل الاجتماعي التي تُعد بمثابة آلة الزمن التى سرعت من كل الأحداث، ونقل الأخبار، وتحليل الأراء، وحشد الرأى العام، وتوجيه المشاعر، وتحفيز الغرائز، والعديد من المهام الخفية.

ولما كان أهل الشر على علم أن الوعي الجمعى للمجتمع هو حائط الصد أمام شرّهم ومقبرة أطماعهم، كان شيطانهم يخطط لما هو أبعد من الحرب النفسية العادية… فكانت الصفحات الوطنية المزيفة.

نرى فى صفحات التواصل الإجتماعى صفحات ومجموعات ذات مسمى وطنى شديد على شاكلة صقور الدولة، رئاسة الجمهورية، جبهة الدفاع عن الرئيس أو مصر أو المصريين… إلخ تحشد الكثير من المصريين من بسطاء الفكر والتوجه الوطنى الداعم لدولتهم، وتبث لهم العديد من الأخبار الإيجابية والمتفائلة والجميلة وتبث لهم العديد من الأخبار الوطنية الحصرية وتشحذ هممهم، فأين هنا الخطر في هذه الصفحات!

القارئ العزيز، يجب أولا أن نفرق بين الصفحات الرسمية وغير الرسمية، دولتنا لم تدخر جهدًا فى تدشين صفحات رسمية للوزارات والوزراء والمنصات الإعلامية المعروفة ذات المصداقية لتضمن لك دقة الأخبار من مصادرها الرئيسية الرسمية، فوجود مثل هذه الصفحات غير الرسمية الغرض منه توجيه أنظارك إلى أخبار بدون مصدر لتصبح تلك الصفحات المشبوهة هى مصدرك الرئيسى وهذا هو الخطر الأول.

الخطر الثانى هو استخدام أسلوب الشائعة الحقيقة وهي نوع من الشائعات قائم على دس الشائعة وسط الخبر الصحيح فالعقل يصدق الخبر كله أو يكذبه كله، فنرى فى تلك الصفحات أخبار تحت عنوان حصرى وما أنزل الله بها من سلطان، ونرى على سبيل المثال سردًا لعتاد الجيش المصري فتبث العديد من الحقائق وبداخلها القليل من الأرقام المغلوطة أو المعلومات غير الحقيقية فيصدقها العقل جملة واحدة وإذا كان هناك خبر غرضه النفى فتنفى معه الأخبار الصحيحة جملة واحدة.

الخطر الثالث هو أنك عزيزى القارئ ستصبح مرددًا لتلك الأخبار ومن هنا سيتم اتهامك الصريح بالتطبيل، وستكون مرددًا لأخبار كاذبة وتتوجه شكوكك فى هذه اللحظة إلى الدولة، إلى الحكومة، إلى الرئيس، سيتوجه شكك إلى المسئولين وليس إلى الصفحة الزائفة التى تصول وتجول بداخلها، فقد نصبوا شباكهم حولك وأصبحت فريسة للعناكب السامة.

الخطر الرابع هو فقد الثقة فى الدولة ومؤسساتها   والتحول من داعم إلى مهاجم وليس معارض فشتان الفارق بين المعارض عن حق والمهاجم عن جهل، تماماً كما نشاهد فى الحملات الإنتخابية يكون هدف المرشح فيها هو ضمان مجموعة المؤيدين ثم محاولة ضم المجموعة المحايدة وهي غير المؤيدة وغير المعارضة ثم محاولة تفتيت جبهة المرشح الأخر بمحاولة ضم ناخبين المعسكر الأخر.

فلسفة هذه الصفحات والمجموعات المزيفة قائمة على اختراق حائط الصد أو الملاذ الآمن للوعي الجمعى بتوفير صفحات فى ظاهرها مؤيد وباطنها عمالة وخيانة وزيف، فالخائن يعلم جيدا أنه ليس بكاف أن يوجه سهامه السامة نحو المواطن لأن ميكانيزمات الدفاع لديه ستوجهه للملاذ الآمن وهو الدولة، فيكون الجزء الثانى من الخطة فى حالة الخروج من مصيدة الحرب النفسية والشائعات إلى الدخول فى مصيدة أخرى من الصفحات الوطنية المزيفة.

لا ترض عن الصفحات الرسمية بديلاً ولا ترض أن تستقى معلوماتك وبياناتك من أشخاص بلا مصدر، أبحث عن المصدر قبل الخبر ولا ترض عنه بديلًا.

 

* نور الشيخ، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.