د. أحمد سلطان يكتب | ٤٠ عاماً على تحرير سيناء
فى مثل هذا اليوم من عام ١۹۸٢، استردت مصر أرض سيناء الغالية بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي، يوماً أثبت فيه المقاتل المصري أن الأرض عِرض، ووفقاً لمعاهدة كامب ديفيد، فقد تم استرداد كامل أرض سيناء، ماعدا طابا والتي استردتها مصر بالتحكيم الدولي فى مارس عام ١۹۸۹، ورُفع فى مثل هذا اليوم، منذ قرابة ٤٠ عاماً، العلم المصري على مدينة رفح المصرية الحدودية، وعلى مدينة شرم الشيخ فى جنوب سيناء، ليتم تعيين أول محافظ مصري لجنوب سيناء عقب إنهاء الاحتلال، سيناء تُعد من أهم المواقع الجغرافية والاستراتيجية، فهي تُمثل حلقة الوصل بين قارتي إفريقيا وآسيا، وهي شبه جزيرة تقع فى غرب آسيا وتحديداً فى الشمال الشرقي لمصر وتشكل حوالي ٦٪ من مساحة الدولة المصرية، وتشترك فى حدودها الجغرافية الشرقية مع كلاٍ من خليج العقبة وقطاع غزة فى فلسطين فى الشمال البحر المتوسط ومن الغرب خليج السويس وقناة السويس ومن الجنوب البحر الأحمر.
شهدت سيناء أعظم المعارك البطولية للقوات المسلحة المصرية حتى تحررت بالكامل، من خلال العديد من الحروب والتي استمرت عدة عقود من الزمن منها العدوان الثلاثي علي مصر في عام ١۹٥٦، وحرب ١۹٦٧، وبعد أيام من حرب وهزيمة ١۹٦٧ بدأت قصة وبطولة تحرير أراضي سيناء من خلال حرب الاستنزاف، ففي عام ١۹٦۸ بدأت القوات المصرية بالتحرك إلى قناة السويس، وخاضت العديد من المعارك الشرسة ضد القوات الصهيونية حتى السادس من أكتوبر المجيد عام ١۹٧٣، عندما نجحت القوات المسلحة المصرية الباسلة فى عبور خط بارليف المنيع واسترداد جزء من الأرض الطاهرة، وتمكنت مصر من عودة الملاحة إلى القناة فى يونيو من عام ١۹٧٥.
إن ما بدأه الآباء والأجداد منذ 40 عاماً من تحرير سيناء الغالية، يستكمله اليوم الأبناء عبر خطط طموحة وتنموية غير مسبوقة تتحقق على أرض الواقع وعلى أرض سيناء، من خلال مجموعة من المشروعات الضخمة والتي تتعدي تكلفتها أكثر من ٧٠٠ مليار جنيه، منها المدن الجديدة كرفح الجديدة والتي تستوعب أكثر من ٥٠ ألف نسمة على حدود مصر الشرقية، أو الإسماعيلية الجديدة شرق قناة السويس داخل سيناء، أو مدينة سلام شرق بورسعيد داخل سيناء التى تستوعب قرابة مليون ونصف المليون نسمة، والتجمعات البدوية، أو غيرها من المشروعات التنموية والتي تهدف في المقام الأول إلي الاهتمام بأهل سيناء ومستقبلهم.
خلاصة القول، لا تزال القوات المسلحة المصرية الباسلة تقوم بتسطير ملاحم بطولية رائعة فى عمليات سيناء من الجماعات الإرهابية، وتضرب أصدق الأمثلة فى التحدي والصمود، وتفرض القوات المسلحة السيطرة الكاملة على كل شبر من أرض سيناء الغالية، ولم تكتفِ بخوض الحرب فقط من أجل القضاء على الإرهابيين، وإنما فى نفس الوقت تقود حرباً من نوعٍ أخر، وهي حرب من أجل التعمير والتنمية، ولم نقرأ عبر الزمان فى كتب التاريخ من يقوم بهاتين الحربين فى آن واحد، مما يعنى بما لا شك فيه، عظمة المصريين وقدرتهم على تحقيق أهدافهم. يوم تحرير سيناء يوماً حين أثبت المقاتل المصري أن الأرض عِرض.