د.وليد عتلم يكتب | سيناء كما رأها جمال حمدان

0 552

نحتفل بالذكرى الأربعون لتحرير سيناء، هذا الاحتفال الذي جاء متزامناً مع شهر النصر؛ شهر رمضان المبارك، الذي يشهد أيضاً عرض صفحات هامة للتاريخ من دفتر أحوال الوطن، لنتذكر جميعاً كيف كنا على وشك أن نفقد مرة أخرى جزء عزيز ونفيس من الوطن، فقد كنا على وشك أن نفقد سيناء لولا يقظة حماة الوطن. لتبدأ معركة التنمية، سلاح مصر الناجع في مكافحة الإرهاب، بعدما نجحت مصر فى معركتها ضد الإرهاب الأسود، ونجحت فى استئصاله من جذوره وتحرير سيناء من قبضة التنظيمات الارهابية. ليبقى السؤال، لماذا سيناء هي الهدف دائماً وأبداً وعبر مر العصور؟؟

الدكتور جمال حمدان له إجابة بليغة على هذا السؤال في كتابه عن سيناء، يقول الدكتور جمال حمدان: “من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الاول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، ومن يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير”.

حمدان يستعرض في كتابه أهم الملامح الطبوغرافية، المناخية، والجيولوجية على النحو التالي: سيناء؛ 61 ألف كيلو متر، حوالي 6% أو 1/6 من مساحة مصر، أو نحو 3 أمثال مساحة الدلتا. بالإختصار الشديد؛ سيناء 1/6 من مصر مساحةً، لكنها أكثر من 1/3 مصر عمقاً، فهي تنتهي من الجنوب عند ملوي في وسط محافظة أسيوط، أي أنها تتعمق حتي قلب الصعيد الأوسط.

يبلغ طول سواحل سيناء 700 كم من 2400 كم هي مجموع سواحل مصر. أي هي تستأثر بنحو 29.1 % من سواحل مصر.
سيناء هي أقل صحاري مصر عزلة بالتأكيد، وذلك لا شك بفضل الموقع البارز كبوابة ومدخل مصر الشرقي والأول بلا منازع. ولهذا كانت علي اتصال مباشر مع وادي النيل عبر برزخ السويس.

قناة السويس عزلت قبائل سيناء في دائرتها المحلية، الإ أنها – علي الجانب الأخر – استقطبت الكثير من أبناء هذه القبائل وعجلت بعملية تمصيرهم ودمجهم في مجتمع الدولة الحديثة.

جاءت مأساة سيناء كأرض المعركة في الصراع العربي- الأسرائيلي، لتزيد من عمق الارتباط مع، والانصهار في مجتمع وحياة وادي النيل. ولتخفف من عزلة سيناء، ولتعدل من حياتها الرعوية البدوية وتطبعها بالطابع المصري أكثر.

تهجير العديد من أبناء سيناء، الي داخل وقلب الدلتا، أثناء العدوانات الأسرائيلية، وإقامتهم في القري النيلية وإختلاطهم بالفلاح المصري، علمهم الزراعة والاستقرار وهذا بدوره انعكس علي حياتهم في سيناء بعد العودة إليها.

ليثبت حمدان بما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل أن أرض الفيروز هي جزء عزيز وغالي لا يتجزء من الأراضي المصرية، حيث يقول، إن سيناء تحمل بصمات مصر، حضارة وثقافة وطابعًا وسكانًا، بالقوة نفسها التى يحملها بها أى إقليم مصرى آخر، واصفا إياها بأنها “مصر الصغرى”، لكونها امتدادًا وتصغيرًا لصحراء مصر الشرقية.

لذلك أصبح ربط سيناء بالوطن الأب ودمجها في كيانه العضوي وإدخالها في دائرة كهربائه الحيوية الحياتية بديهية أولية للبقاء. والمواصلات والتصنيع والزراعة والتعمير هي أدوات هذا التخطيط الحضاري الرئيسية. وهو ما دفع جمال حمدان، أن يقول في كتابه عن سيناء قبل وفاته: “ليست مجرد صندوقًا من الرمال كما قد يتوهم البعض، إنما هى صندوق من الذهب مجازًا كما هى حقيقية”، في محاولة منه للحث علي تعمير سيناء، كحل أمثل لجعلها حائط صد، لمواجهة المخاطر التي تتربص بمصر وشعبها.

انطلاقاً من ذلك؛ وضعت القيادة السياسية، تنمية سيناء على رأس أولوياتها، إيماناً منها بأهمية سيناء الاستراتيجية وعرفانا بتضحيات أبناء مصر في سيناء المستمرة عبر التاريخ، لذا سابقت الدولة الزمن لتنفيذ عدة مشروعات تنموية عملاقة في كافة المجالات، فقد كشفت خطة التنمية لعام 21/22 المقدمة من الحكومة لمجلس النواب عن أن الاستثمارات الحكومية لتنمية محافظة شمال سيناء بلغت حوالى 14 مليار و100 مليون جنيه خلال عام 21/22، تمول الخزانة العامة منها نحو 91.5 % بنحو 12 مليار و900 مليون جنيه. يستحوذ قطاع الخدمات الأخرى على النسبة الأكبر بـ 52.9%. كذلك النهوض بقطاع الزراعة واستصلاح الأراضى بنسبة 17.2%، ثم قطاع التشييد والبناء بنسبة 9.1%. كما أن التوجيهات الرئاسية متواصلة بأن يتم العمل بشكل متكامل بين القطاعات المعنية في إطار نهج استراتيجي شامل يحقق مصلحة وغايات الدولة في زيادة الرقعة الزراعية المنتجة وبناء مجتمعات عمرانية حديثة في شمال ووسط سيناء. لتكون الحرب على لارهاب في سيناء شاملة بالسلاح والتنمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.