حسام الدين محمود يكتب | قراءة في سناريوهات كيسنجر
مازالت الأزمة الروسية الاوكرانية تؤرق العالم ما بين مخاوف من ازمة في الغذاء العالمي ومخاووف من موت الملايين جوعاً، وارتفاع عدد اللاجئين، وتأجيج الصراع الدولي والانقسامات بين التحالف الغربي في مواجهة روسيا، وازمة الطاقة في اوروبا والامن والسلم الدوليين، يرى المحللون ان تلك الازمة سوف تستمر الي وقت بعيد وستكون تبعياتها لها تأثير سلبي على كل الاطراف الدولة، حتى خرج ثعلب السياسات الامريكية هنري كيسنجر البالغ من العمر 99 سنة مستشار الامن القومي الاميريكي ووزير الخارجية الاسبق ليضع ثلاث سيناريوهات محتملة حول انهاء الازمة الروسية الاوكرانية، في حديث له مع مجلة “ذي سبيكتيتور” البريطانية واشار الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد الي السيناريوهات التالية:
السيناريو الاول هو انتصار روسيا بالسيطرة على 20% من أوكرانيا والجزء الأكبر من دونباس والمنطقة الصناعية والزراعة الأساسية، وجزء من الأراضي على ساحل البحر الأسود، وان هذا الحد هو انتصار لروسيا وإن الناتو لن يكون له دور في تلك الحالة.
السيناريو الثاني يتمثل في محاولة طرد روسيا من الأراضي التي سيطرت عليها في عمليتها العسكرية، بما في ذلك جزيرة القرم، ومع استمرار العمليات العسكرية الروسية، سوف تزداد مخاطر دخول الغرب في مواجهة وحرب مباشرة مع روسيا.
السيناريو الثالث يتمثل في العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 24 فبراير، وفي هذه الحالة ستتم إعادة تسليح أوكرانيا، وسوف تكون مرتبطة مع الناتو بشكل وثيق أو قد تكون عضوا في الحلف في المستقبل، وهذا السيناريو مرهون بتجميد النزاع لفترة معينة.
تلك السيناريوهات الثلاثة في غاية التعقيد لأنها في النهاية لن تصل الي المعادلة الصفرية في ادارة الازمات الدولية والتي شاهدناها في ازمة الصواريخ الكوبية والتي كانت اطارافها الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وكوبا عام 1962 وبالرغم من تعقد الازمة انذاك الا ان المعادلة كانت صفيرة وكانت احدى ابرع النماذج في ادارة الازمات الدولية، الا ان الازمة الحالية الروسية الاوكرانية وبالرغم من ان اطارفها ليست ببعيد عن أطراف الأزمة الكوبية فان العنصرين الاساسيين في الازمتين هما روسيا وامريكا الا ان ادارة الازمة اختلفت في الحالة الحالية في اوكرانيا واصبحت التساؤلات الباحثة عن نتائج تلك الازمة والتي تستند على اسباب الازمة ترشح ان سمه سيناريو من الذي طرحهم كيسنجر ربما يكون هو المسار بالرغم من ان المعادلة لن تكون صفرية وفق الثلاث سيناريوهات المحتمله، وتبقى الاسئلة المصيرية في هذة الازمة على طاوله القرار.
هل ستصل روسيا إلى السيطرة على إقليم دونباس والمنطقة الصناعية والزراعية ويصمت الغرب عن ذلك دون مواجهة مع روسيا؟ هل تقوم أوروبا بتسلح اوكرانيا وتكون في مواجهة مباشرة ضد روسيا، في حين أن مصدر الطاقة الأساسي في أوروبا مصدره روسيا؟ هل تنضم فعليا السويد وفنلندا الي حلف الناتو بعدما كانت على الحياد منذ الحرب الباردة وتتحول المنطقة الشمالية من اوروبا الي اتون حرب وتصبح ساحة للعمليات العسكرية الدولية؟
بالرغم من التعقيد في تلك الازمة إلا أن تقديري هو أن السيناريو المحتمل والأقرب فيما طرحه كيسنجر هو السيناريو الأول؛ انتصار روسيا وسيطرتها على إقليم دونباس والمنطقة الزراعية والصناعية خلال الفترة الراهنة، وربما بعد تلك الفترة تشهد الأزمة تحولًا آخر.
* حسام الدين محمود، عضو تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين.