سعاد حمودة تكتب | هل تتحول العملات الرقمية إلى ملاذات آمنة؟
خلال فترة وباء كورونا ومنذ انتهاء الهبوط الذي حصل في الربع الأول من العام الماضي 2021 فإن العملات الرقمية وعلى رأسها بتكوين قد حققت أداء مذهلًا، حيث أن قيمة هذه العملة الرقمية تجاوزت مؤخرًا حاجز ال 40 ألف دولار أمريكي للبتكوين الواحدة أي أن قيمتها قد تضاعفت عدة مرات خلال الفترة الماضية، وهذا صعود لم تحققه سوى أسهم قليلة جدًا في ذات الفترة، وهنا يأتي السؤال الملح: هل أصبحت العملات الرقمية ملاذات آمنة أم لا؟
بدأ الحديث عن العملات الرقمية كملاذات آمنة عندما نشر ناثانيال بوبر ورقة بعنوان “الذهب الرقمي” في عام 2015 في إشارة إلى بتكوين،وذلك بعد أن شبه ساتوشي ناكاموتو بين تعدين البتكوين استخراج الذهب، وبعد نشر الورقة أصبح الحديث عن بتكوين كملاذ آمن أمرًا عاديًا في الأوساط المالية، ومن الأسباب التي تجعل البتكوين ملاذًا آمنًا كذلك ان عددها محدود (أي عنصر الندرة) حيث لا يمكن أن يكون هناك أكثر من 21 مليون وحدة من البتكوين في العالم.
ما هو تعريف الملاذات الآمنة؟ لكي نستطيع تحديد ما إذا كانت العملات الرقمية قد أصبحت ملاذًا آمنًا أم لا، فعلينا في البداية أن نعرف الملاذات الآمنة، وعلى الرغم من وجود تعريفات مختلفة فإن السمة الرئيسية لهذه الملاذات هي أن يكون أدائها أفضل نسبيًا في ظل ظروف السوق السلبية، أي في ظل هبوط أسعار الأصول المختلفة كالأسهم، وبالفعل فقد وفر وباء كورونا أول اختبار للعملات الرقمية وإمكانية كونها ملاذات آمنة.
ولكن كيف كان أداء بتكوين والعملات الرقمية عندما هبطت أسعار الأسهم الأمريكية والعالمية؟ بالنظر إلى تحركات البتكوين وتحركات مؤشر ستاندرد أند بورز في الربع الأول من العام الماضي يتضح أن العملة الرقمية هبطت بشكل حاد بالتزامن إلى حد معين مع هبوط المؤشر، وهذا يشير بشكل واضح أن بتكوين لم تكن ملاذًا آمنًا، مع العلم أن بتكوين بعدها وعند مرحلة التعافي ارتفعت ارتفاعات شاهقة فاقت في قوتها الارتفاعات التي حصلت في أصول أخرى.
يدل هذا على أن العملات الرقمية لم تصل حتى الآن إلى إن تكون ملاذات آمنة، ولكنها قد تصل إلى تلك المكانة في المستقبل.
هناك عوامل تجعل البتكوين والعملات الرقمية جذابة للغاية حيث حدث صعود البتكوين في وقت لا يزال فيه بعض المحللين والمدراء التنفيذيين في المصارف العالمية لا يجدون أن لعملة بتكوين أو غيرها من العملات الرقمية قيمة تذكر، وعلى الرغم من أن البتكوين ليست أصلًا ملموسًا فإنه لا يمكن إنكار أن صعود قيمتها يعكس رغبة العديد من الأشخاص باستخدام عملات رقمية لا مركزية، وأن البتكوين هي نتيجة حتمية لتطور البنية التحتية الرقمية في العالم.
بكلام آخر فإن العملات الرقمية تمثل المستقبل بالنسبة للكثير من الناس، ومع حديث شخصيات مشهورة مثل إيلون موسك عن العملات الرقمية مثل دوغي كوين فقد اكتسبت هذه العملة قوة لا بأس بها حيث ارتفعت ارتفاعات مبهرة فقد كان سعرها في العام الماضي اقل من سنت واحد للوحدة الواحدة بينما أصبح سعرها اليوم أكثر من 5 سنتات للوحدة.
الملخص: إن العملات الرقمية هي ثورية للغاية مع العلم أن وجودها هو تطور حتمي للثورة الرقمية الحالية، وعلى الرغم من قوتها والتفاؤل بمستقبلها فإنه يصعب اعتبارها ملاذات آمنة، وذلك لعدة أسباب أولها أن هذه العملات هبطت حينما هبطت أسعار الأصول الأخرى أثناء ذروة وباء كورونا، وكذلك ارتفاع اسعارها في ظل ارتفاع أسعار الأصول الأخرى، وهذا يعني أن هذه العملات لا تملك حتى الآن سمات الملاذات الآمنة، مع العلم أن سماتها قد تتغير في المستقبل.