عمرو البنا يكتب | الديمقراطية والتحديات الإقتصادية

0

في ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة، والتحديات التي تواجهها المجتمعات، اليوم بات مستقبل الديمقراطية موضوعًا يثير الكثير من النقاش والقلق، إذ أن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، يُعد عاملًا رئيسيًا في ترسيخ المؤسسات الديمقراطية، وتحقيق المساواة بين المواطنين، حيث تشهد العديد من الدول تزايدًا في الفوارق الاقتصادية، ما أثر على ثقة المواطن في النظام الديمقراطي، ما يؤدي إلى شعور واسع بين الناس بأن الفرص والموارد لا توزع بعدل، ونتج عن ذلك فقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية إذ يرى المواطنون، أن النظام السياسي، لا يعمل على حماية مصالحهم، أو تقديم حلول حقيقية لمشاكلهم الاقتصادية، ونتيجة لذلك، ممكن أن يتحول الإحباط إلى توجهات شعبوية أو تأييد أنظمة، قد تبدو أكثر صرامة في مواجهة الفساد وعدم العدالة.
وهنا يكمن دور السياسات الاقتصادية في دعم الديمقراطية، حيث تواجه الحكومات تحديًا كبيرًا في صياغة سياسات اقتصادية، تضمن توزيعًا عادلًا للثروة، وتحفز النمو المستدام، ومن بين الحلول الممكنة،
تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية، مثل توفير دعم حقيقي للفئات الضعيفة، عبر برامج اجتماعية شاملة، يمكن أن يسهم في تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتشجيع الاستثمارات المحلية، وتطوير البنية التحتية، هذه الخطوات، تسهم في خلق فرص عمل جديدة، ما يساعد على استقرار الدخل، وتحسين مستوى المعيشة وضمان شفافية الإجراءات الحكومية عندما يكون المواطن على علم بكيفية إدارة الموارد واتخاذ القرارات، يزداد شعوره بالمشاركة والثقة في النظام،
ففي عصر العولمة لم تعد التحديات الاقتصادية محصورة داخل حدود الدول فقط، إذ تتأثر السياسات الوطنية بتقلبات الأسواق العالمية والأزمات الاقتصادية، التي تنتقل بسرعة من بلد إلى آخر، وهذا يتطلب تنسيقًا دوليًا وجهودًا مشتركة للتصدي لهذه التحديات بحيث تبقى السيادة الوطنية قادرة على حماية مصالح المواطنين، ولا يعني الحديث هنا عن التحديات الاقتصادية بأنها نهاية الديمقراطية، بل يشير إلى ضرورة تجديدها وتكييفها مع متطلبات العصر، فيجب على المؤسسات التعليمية والإعلام، أن تلعب دورًا في تثقيف المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم، ما يساهم في رفع مستوى الوعي السياسي، وتشجيع المشاركة الشعبية عندما يشعر المواطن بأن له صوتًا في صنع القرار، يزداد حماس المجتمع للمشاركة في العملية الديمقراطية وتطويرها، والاستفادة من التكنولوجيا، فمن الممكن للأدوات الرقمية والمنصات الإلكترونية، أن تكون جسرًا لتعزيز الشفافية، وتسهيل الحوار بين الحكومات والمجتمع.
خلاصة القول:
على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة، يبقى مستقبل الديمقراطية قابلا للتجديد والتطوير بشرط أن تتضافر جهود الحكومات والمجتمعات على حد سواء، إن التحديات التي يفرضها الواقع الاقتصادي، ليست نهاية المطاف، بل فرصة لإعادة النظر في أسس النظام السياسي، وإيجاد آليات أكثر شمولية وعدالة، تضمن توزيع الفرص، وتحقق الاستقرار الاجتماعي، فإن الديمقراطية الحقيقية، تُبنى على مشاركة المواطنين، وثقتهم في نظام يدعمهم، ويسعى لتحقيق رفاهيتهم على جميع الأصعدة، ويشعرهم بالعدل والمساواة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.