د.محمد السيد سالم يكتب | المرأة بين الضحية والأداة
للنساء في الجماعات المتطرفة ادواراً متعددة الأبعاد، يتغير بحسب طبيعة
الجماعة وأهدافها ومرحلتها التنظيمية ورغم اختلاف الأيديولوجيات، إلا أن
الجماعات المتطرفة غالباً ما تستغل النساء لأدوار أيديولوجية، وخدمية،
وإعلامية، وأحياناً قتالية .
حيث شهد العقدان الأخيران ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات تجنيد النساء
داخل الجماعات المتطرفة، وهو تطور لافت غير الصورة النمطية التي كانت
تحصر الأدوار المتطرفة في الرجال، هذا التحول لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة
استراتيجيات تجنيد أكثر احترافية، واستغلال ممنهجٍ للهشاشة الاجتماعية
والنفسية لدى بعض النساء، واختراق بعض المناطق الفقيرة أو المهمشة لاستغلال
حاجة النساء للدعم المالي أو الاجتماعي، فتقدم نفسها كبديل للدولة، إلى جانب
التطور التقني الذي سمح لتلك الجماعات باختراق المساحات الأكثر خصوصية
في حياة الأفراد، على خلاف الحقبة السابقة التي كانت تكتفي فيها الجماعات
المتشددة بمنح النساء أدواراً خدمية أو هامشية، ظهرت مؤخراً اشكال جديدة
تسوق للمرأة دوراً محورياً داخل المشروع المتطرف.
ج كما تستخدم الجماعات النساء لاستقطاب أفراد جدد خاصة من الفئات
الشابة عبر الإنترنت، وينظر للمرأة على أنها قادرة على كسب التعاطف عبر
الخطاب العاطفي أو عبر تصوير الانضمام للجماعة كطريق للتمكين أو للحماية،
كما يتم استغلال النساء في الزواج من المقاتلين ورعاية أسرهم لضمان التكاثر
وبقاء الجماعة، كما تعمل علي إدارة شؤون الحياة اليومية داخل المعسكرات أو
الولايات كما كان في تنظيم داعش، وايضاً العمل في التعليم والرعاية الصحية
داخل المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، وبحسب طبيعة الجماعة، قد تشارك
النساء في تنفيذ الهجمات الانتحارية، خصوصاً حيث يمكن استغلال القوالب
الاجتماعية لتسهيل تحركهن، أو زرع المتفجرات أو جمع المعلومات الاستخبارية،
وللنساء مجموعة أدوار ايديولوجية وتربوية داخل الجماعة مثل تلقين الأطفال
عقائد متطرفة وإعداد جيل جديد يحمل فكر الجماعة لضمان استمراريتها وايضاً
نشر الأفكار المتشددة داخل المجتمع النسائي المغلق الذي يصعب على الرجال
اختراقه، ولهم أدوار لوجستية مهمة داخل الجماعات كنقل الأموال والمعلومات
وذلك لسهولة حركة النساء في بعض البيئات المحافظة واستغلال الأنشطة
التجارية الصغيرة لتمويل الجماعة، رغم أن الجماعات المتطرفة قد تبدو في
ظاهرها ذكورية، فإن النساء يلعبن دوراً مركزياً في دعم هذه الجماعات عبر أدوار
تتراوح بين الدعوة، والتجنيد، والتمويل، والتربية، والعمليات القتالية في بعض
الحالات، وهذا يجعل فهم دور النساء أمراً أساسياً لمواجهة التطرف بكفاءة.
إن استقطاب النساء في الجماعات المتطرفة ليس ظاهرة عابرة، بل نتيجة
تراكمات اجتماعية، اقتصادية، ونفسية، تستغلها التنظيمات بذكاء، المواجهة
الحقيقية لا تقتصر على الأمن وحده، بل تتطلب رؤية شاملة تُعيد للمرأة مكانتها
الطبيعية في المجتمع وتمنحها أدواراً إيجابية تقيها من الوقوع في فخ الخطاب
المتطرف .
عضو تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين