اسراء حسن تكتب | الهوية المفقودة

0 200

عند تشريح جسد الدولة نراها مقسمة الى اربع عناصر أرض وشعب وسُلْطة وسيادة، ترتبط هذه العناصر بجملة من العلاقات المعقدة بين الأجزاء التي تجعل الواحد أكبر من مجموع أجزائه، لصنع كيان معقد ومتماسك هو الدولة !

الاهم من جميع العناصر المذكورة هو مفهوم ” الأمة ” الذى يمنح الدولة أبعادها ومعانيها الوجودية، فما الشعب إلا جيل من أجيال هذه الأمة التى تصنع التاريخ، وما الحكومة إلا تعبير مؤسسي عن الإرادة السياسية لهذه الأمة،
حتى وإن لم يكن للدولة أرضٌ بعد ترفع عليها رايتها. كان من أكبر كوارث العراق هو تسقيط مفهوم ” الأمة ” الحاكم لوجودية الدولة واستبدلته بمفهوم “الأمة العربية” أو “الأمة الإسلامية” لأن المفهوم الأول لا يصنع دولةً قومية
اما الثاني فهو مفهوم دينى، لا مفهوم سياسي.

الامر الذي سبب لنا الوقوع في فخ أزمة الهوية والذي بدوره أدى إلى أسقاط أو أقصاء مفهوم الأمة العراقية، يصاحبه خطأ اكبر وهو تفكيك العلاقة التلازمية بين مفهومي الدولة والأمة مكتفيا بمفهوم السلطة بكل ما يدعمها من مؤسسات القوة والدعم الخارجي متجاهلة كل ما يتبع هذه الخطوة من تعاظم خطر السقوط الحر ناهيك عن الأجواء الثقافية المسمومة التي يغيب فيها عن الحوار بعض البديهيات والتي تمنع بغيابها اي حراك إيجابي وأهمها ان العراق ليس بلد منغلق على مصالحه الضيقة وانما هو بلد منفتح على كل اسباب التفاعل مع غيره من الأمم، ان الأسس التي يقوم عليها العراق جامعة وليست محددة بدينية أو ثقافية، العراق على وفاق مع محيطه العربي وأخيراً للعراق تأريخ عريق لا يتبنى غيره

ان أصحاب الأيديولوجيات لن يردعهم عن ترديد ما اعتادوا عليه من صياغات لغوية – إيجابية أو سلبية – واظبت ثقافتنا المشوهة على توظيفها للتعامل مع التيار العربي باعتباره قومي ، وهو توظيف لغوى مراوغ يفترض ضمناً أنه لا توجد أمة عراقية ، وإنما فقط أمة عربية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.