د.مصطفى أبوزيد يكتب | النمو الاحتوائي في ظل الجمهورية الجديدة

0 938

يعتبر مصطلح النمو الاحتوائي من الشعارات الاقتصادية الحديثة إلى جانب مصطلح النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وفي حقيقة الأمر هناك عدة أمور تتشابه فيها تلك المصطلحات فاذا نظرنا أولًا إلى مفهوم النمو الاحتوائي نجد أنه نمو قائم على مبدأ مشاركة أطياف المجتمع في تحقيق عمليات التنمية، وأيضا في جني ثمارها بما يحقق الشعور لدى الأفراد بنتائج هذا النمو ويأخذ في الاعتبار النمو المرتبط بمعدلات النمو المرتفعة مع البعد الاجتماعي الذي يرتبط بعدالة توزيع الفرص بين المواطنين على مستوى الأقاليم حيث يعمل النمو الاحتوائي على توافر فرص العمل لأنها تعتبر الأساس في تنامي الشعور بالانتماء بالمجتمع.
بالإضافة الى تعزيز تساوى الفرص المتاحة بين الجنسين للمشاركة في التنمية الاقتصادية وعدم استحواذ فئة قليلة على ثروات البلاد كما يحدث عند اكتشاف ثروات طبيعية وبالتالي يتمتع الطبقات الفقيرة والمتوسطة بما يتحقق من رخاء في بلادهم والتأكيد على اقتسام ثمار النمو بين الأجيال الحالية والمستقبلية.
تتمثل سياسات النمو الاحتوائي في شبكات الضمان الاجتماعي بحيث تلبى احتياجات الأطراف الخاسرة وتوفر لها قدر من الأمان ويعتمد تحقيق النمو الاحتوائي على تدريب وتأهيل ومساعدة العمالة على التعافي من فقدان العمل إذ تساعدهم على التكيف بصورة أسرع عند وقوع الصدمات الاقتصادية وتجعل فترات البطالة الطويلة أقصر ويمكن للحكومة تقديم تأمين على الأجور للعمالة التي يتم تسريحها وتعمل في وظائف بديلة أقل أجرا كما يمكن للحكومة امداد أصحاب الأعمال بدعم على الأجور لتعيين العمالة المُسرحة.
يرتكز النمو الاحتوائي على اعتماد سياسات تعزز من فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية لجميع طبقات المجتمع من اجل تحقيق مزيد من فرص المساواة وانتهاج سياسات توسع في اتاحة التمويل للفقراء والطبقة الوسطى بما يساعدهم على جني ثمار التدفقات الرأسمالية الأجنبية مع كفاءة المنظومة الضريبية بشكل فعال.
لذلك هناك أوجه اتفاق ما بين النمو الاحتوائي والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في كونها تهتم بزيادة مدخول الأفراد نتيجة لإتاحة الفرص المتساوية للعمل بين الجنسين من خلال توفير فرص التشغيل ومنها تحسين الحياة المعيشية للأفراد وبالتالي مواجهة الوقوع تحت وطأة الفقر والمساهمة في انخفاض البطالة والاهتمام بتقديم خدمات تعليمية وصحية للأفراد وتلك الأمور تُعد من الأهداف الرئيسية للتنمية المستدامة كما ان النمو الاحتوائي يستهدف تحقيق ذلك على الأمد الطويل شأن التنمية المستدامة التي تهدف الى استخدام الموارد والامكانيات لتحقيق رغبات الأجيال الحالية والاستمرار في تحقيق رغبات الأجيال القادمة عن طريق الاستغلال الأمثل لتلك الموارد.
وفى ظل الجمهورية الجديدة تعمل القيادة السياسية على تحقيق النمو الاحتوائي عبر المشروعات القومية التي راعت التوزيع الجغرافي في كل أرجاء الجمهورية والتي استطاعت أن توفر أكثر من خمسة ملايين فرصة عمل حتى الآن. وفى عام 2020 وحدها وفرت تلك المشروعات أكثر من مليون فرصة عمل، وتعتبر أحد أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية توفير 900 ألف فرصة عمل سنويا مما ساهم في تراجع معدل البطالة الى 7.3% حتى مع استمرار تداعيات أزمة كورونا.
إن الجمهورية الجديدة التي نستظل بها اليوم أسست للعدالة الاقتصادية والاجتماعية في زيادة الاهتمام بالفئات الأكثر احتياجًا من برنامج تكافل وكرامة ومبادرة حياة كريمة والتي خُصص لها 700 مليار جنيه ليستفيد منها 55 مليون مواطن مصري وزيادة المخصصات الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة والسلع التموينية وإتاحة التمويل اللازم لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشجيع الشباب على العمل الخاص والاستثمار المحلى وزيادة المخصصات الموجهة نحو قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي كل ذلك لم يكن يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية تريد التغيير غد أفضل ومستقبل مزدهر إلى جانب البرنامج الإصلاحي الوطني الذي أعاد الاقتصاد المصري إلى مساره الصحيح وأتاح القدرة والملاءة المالية للحكومة المصرية على زيادة الاستثمارات العامة لتحقيق مزيد من النمو الاقتصادي القائم على العدالة الاجتماعية لكل أطياف المجتمع.

 

د.مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.