سامي جعفر يكتب | المعارضة المدنية والدولة وقوتها الناعمة

0 237

لأسباب تاريخية يطول شرحها لم تكن المعارضة المدنية المصرية بعد ثورة 23 يوليو 1952، جزء من النظام السياسي الحاكم أو الدولة وقوتها الناعمة على عكس ما يجب أن يكون، وهذا الموقف خسارة للوطن بالتأكيد وخصما من مقدراته.
وتأسس هذا الموقف بسبب اعتبار تنظيم الضباط الأحرار أي قوة سياسية تهديدا لوجوده، خصوصا مع الشعبية الجارفة لحزب الوفد، لذا قام التنظيم الحاكم بحل الأحزاب بعد شهور من قيام الثورة ثم عصف ببقية القوى السياسية.
وخلال هذا العهد اقتصرت المعارضة على بعض أجنحة تنظيم الضباط الأحرار نفسه ثم الهياكل التي أسسها مثل الاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي وبعده الحزب الحاكم أيا كان اسمه سواء حزب مصر أو الحزب الوطني الديمقراطي.
وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، شارك خليفته الراحل محمد أنور السادات بنفسه في إظهار المعارضة لكن من خلال أحزاب لا تتطلع إلى المنافسة على الحكم فأصبحت جزءا ضعيفا من النظام وليس الدولة – باستثناء حزب التجمع خلال فترة الراحل الدكتور رفعت السعيد، أمينا ورئيسا للحزب- وهو ما ورثه الرئيس الراحل حسني مبارك وسار على دربه إذ ظلت الأحزاب محدودة التأثير، ضيقة الرؤية تميل إلى عدم الموضوعية في النقد وتعاني من ضعف هياكلها وتأثيرها في الشارع.
وخلال هذه الفترة كانت هناك تنظيمات سرية يسارية وبجانبها أخرى قومية استفادت من الخلاف بين النظام المصري وبعض الأنظمة العربية القومية بعد توقيع مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل وتركز خطاب الجناح الناصري لهذه التنظيمات على القضية الفلسطينية وغرق الجناح اليساري في نقد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام ثم اتجه الجميع إلى احتراف الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال مؤسسات ممولة.
واتجهت هذه المجموعات الصغيرة إلى المطالبة برحيل النظام بعد عام 2005 والذي شهد ظهور أفكار وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس عن ضرورة تغيير الشرق الأوسط، وبعدها دخلت هذه المجموعات في تحالفات مع قوى الإسلام السياسي في انقلاب على أفكارها وتجاهل للخلافات التاريخية بين الطرفين.
ويتحمل الطرفان الدولة والأحزاب المدنية الحالة التي وصلت إليها العلاقة بينهما، وكان على الطرفين خصوصا الدولة إيجاد صيغة تمنح الأحزاب الفرصة للانتشار والتأثير في الشارع وإعداد كوادر تسهم في التطوير والتحديث والإصلاح من خلال إنتاج الأفكار وممارسة الحكم جزئيا، وهو نشاط يمثل في جزء منه مكافحة للتطرف والإرهاب، كما أن دخول هذه الأحزاب في علاقات خارجية مع نظرائها في الخارج يمنح الدولة قوة ناعمة واستراتيجية إضافية.

* سامي جعفي، سكرتير تحرير جريدة “المصري اليوم”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.