عبد الغني الحايس يكتب | روسيا وأوكرانيا .. حلفاء ومحور

0 600

لا أحد يحب الحرب وما تخلفه من دمار شامل وخسارة في الأنفس والمقدرات. العالم كله يراقب ما يحدث الآن في أوكرانيا . والقادة الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية وكل أوروبا يعلمون علم اليقين أن روسيا لن تسمح بتهديد أمنها القوى. وأنهم هم من خرقوا الاتفاق الشفهي بين روسيا في عدم التدخل في دول الاتحاد السوفيتي القديم . وجر أوكرانيا على أن تكون حلبة الصراع بينهم وبين روسيا التي لن تقبل أن تنضم أوكرانيا إلى حلف الأطلسي وان تكون موسكو مرمى لصواريخهم. وبوتين يذكرهم بالتاريخ السابق عندما رفضت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفه مع كوبا أيام حكم كيندى وبعد ١٦ يومًا سحبت روسيا صواريخها من كوبا وحالة الأمس مثل اليوم لا فرق بينهما فالأمن القومي خط أحمر لن ترضي قوى عظمى مثل روسيا بتهديد أمنها القومي.

بوتين يبرر هجومه علىي أوكرانيا بأنها تمتلك أسلحة نووية تهدد أمن بلادة كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بالعراق إبان حكم بوش وغزت العراق. هو الآن وضع بايدن وكل قادة أوربا أمام مسؤوليتهم أن يخرج بوتين من صراعه باتفاق مكتوب لا صواريخ في أوكرانيا ولا انضمام الي الاتحاد الأوربي وحلف الناتو، وأعتقد أن الصراع سينتهي عند هذا الحد فالكل خاسر من استمرار الصراع الي أقصى مدى.
لقد تبارى الغرب واليابان وإنجلترا بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا مما جعل الرئيس الأوكراني يستغيث أنهم تركوه وحده وبلاده ليلقي مصيره وان العقوبات غير كافية ويجب مساعده بلاده كمن قال اذهب وحارب ونحن سنصلي من أجلك! لو تدخل الناتو في صراع عسكري ستكون حرب عالمية بلا جدال وستدخل دول أخرى مازالت محايدة في دائرة الصراع.
هل فرض النفوذ والسيطرة يجعلهم لإقحام العالم علي حرب تخسر فيها الأرواح والبنية التحتية وتلغي التقدم والازدهار للعودة الي المربع صفر وكلهم يعانون من أزمة كورونا وأسعار الطاقة والبطالة وكثير من النتائج السلبية جراء الوباء العالمي.
الخروج الأمن من هذا الصراع تنحى الرئيس الاوكراني وتقديم إقرار مكتوب بعدم اقتراب أوروبا والناتو من أوكرانيا أو تشتعل الحرب العالمية الثالثة.
بوتين لن يسمع لقرار مجلس الأمن او تصريحات القادة بضرورة وقف الحرب فورا والانسحاب من أوكرانيا بل سيطالبهم بالاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا، دونيتسك ولوغانسك، والذي وقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من مجلس الدوما الاعتراف الفوري بهذا القرار ودعم الجمهوريتين.
أصبح امام القيادة الاوكرانية الرضوخ امام القوى العسكرية الروسية والاستسلام لأن بوتين لن يسمع ولن يسمح بالعودة الا الوراء الا بالوصول الي مبتغاه .وهو يعرف ومتأكد ان الاتحاد الأوروبي لن يجعلها حرب شاملة وستكون طاولة المفاوضات التي تجعله الرابح وهو ما تحاول ادارة بايدن عرقلته وعدم إعطائه اتفاق مكتوب وملزم . وورقة منع ضخ الغاز الي أوربا والذى يشكل لهم ٤٠ %من احتياجاتهم سيؤثر علي الاقتصاد وما له من تداعيات أخرى .
برغم أن الحرب بعيدة عن مصر ومنطقة الشرق الأوسط إلى أن تأثيراتها وصلت إلينا ولم نرفع أعيننا عن الشاشات لمعرفة تطور الصراع . فمصر من أكبر الدول التي تعتمد علي استيراد القمح من الدولتيين ولقد قام الرئيس السيسي بتلقي اتصال من الرئيس قاسم رئيس كازاخستان لبحث سبل التعاون المشترك واكيد من ضمنها استيراد القمح .مع العلم اننا نجحنا في زراعه ٢٥٠ الف فدان قمح إضافية.
كما لها تأثير علينا علي السياحة فالاعتماد الأكبر في مصر علي السياحة الروسية والاوكرانية ولقد طلبت أوكرانيا من مصر رسميا وقف الرحلات الجوية بين البلدين واصدرت الحكومة المصرية بيان بحسن معاملة السياح الذين لن يستطيعوا العودة الي بلدهما واستضافتهم ورعايتهم حتى تنتهي الأزمة .
أتمنى من الله أن لا نصل إلى حافة الهاوية وهي الحرب الشاملة وأن يعودوا إلى طاولة المفاوضات فدائرة الصراع ستتسع بعناد الأطراف والصين متحفزة علي ضم تايوان إليها وايران الفرصة سانحة لها لكسب حليف في مفاوضاتها النووية والعالم مستعد الي الانقسام الي حلفاء ومحور جديد في حالة استمرار العناد. حفظ الله الإنسانية جمعاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.