عبد اللطيف سالم يكتب | في مقاومة الموت

0 180

منذ أن ظهرنا على سطح هذه الأرض ونحن في صراع مع عدونا الموت وهذا في الواقع أمر طبيعي يجري في الجنس البشري كما هو جار في الأجناس الأخرى الحيوانية .
أليس في معالجتنا للأمراض مقاومة للموت ؟
أوليس في ابتكارنا للأدوية وصنعنا لها مقاومة للموت ؟
أليس في عمليات التدجين المختلفة للحيوانات والنباتات من أجل المزيد من تلبية حاجة البشر إلى المأكل مقاومة للموت وإلا فلماذا ظهور هذه المعامل لتربية كل تلك الحيوانات من دجاج وأرانب وسمان وإنتاج بيض من أنواع مختلفة لكي لا يموت الناس جوعا وللمزيد من طاقة البشر على مقاومة الموت .
لكن ربما نوعية فهمنا لما جاء في القرآن من قوله “” إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون “” من س .الأعراف الآية 34 كان بالنسبة لنا معشر المسلمين عائقا أبستمولوجيا – إن صح التعبير – قد تركز في الذهن دون المرور إلى التفكير والتقدم في ما يمكن أن ننجزه من علم وصناعة ومن أدوية ورياضة وأساليب أخرى نافعة في مقاومة الموت حتى لا نُغضب الرب في ما قدر لنا وهدى .
المسلمات الدينية كانت عوائق دون تقدمنا في أغلب المجالات المعرفية والعلمية أحببنا ذلك أم كرهنا ، لو كان الأجل محددا زمانُه ومكانُه منذ الأزل كما هو في اعتقاد الكثير منا لما ظهر في العالم دواء ولا علاج للأمراض ولا أطباء ولا صيدليات ولا مستشفيات وبالتالي فإنه كما قلنا سابقا : “” لكل امرئ في موته نصيب “” ولكل مجتمع في تدهوره وفي موته نصيب أيضا “” أي أن الإنسان كما هو مسئول على نفسه في ما يكون في حياته هو أيضا مسئول بنسبة كبيرة على نفسه في ما تكون مماته وكذلك المجتمع , وعلى قدر ما تكون لنا من القدرة على التكيف السليم مع المحيط الداخلي الذاتي المادي والمعنوي ومع المحيط الخارجي المعيش في المجتمع المحلي والمجتمع العالمي على قدر ما يكون ذلك مساعدا على الاستمرار في العيش بكل توازن ومحبط ليد المنون أن تنال منا متى تشاء وترتضي ولو أن الموت هو في الظاهر نهاية الحياة المحتمة .
لكن لابد إذن أن نمسح ما كتبه الزمن المعتّم على صفحات عقولنا وقلوبنا ونعمل بكل جهد وبكل حماس ممكن وبكل ما لدينا من قدرات على مجابهة قدرنا هذا دون خوف أو وجل من وهم من المعرفة زائف ، هو مثل ” سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ” لأن مثل هذا الخوف هو الذي يسهّل على يد المنون أن تنال منا ، وللعلم فإن هذه المقاومة للموت من أجل التمديد في الحياة وليست للقضاء على ظاهرة الموت بالمرة على الأقل في ظروفنا الحالية ومن يدري ما سيكون لنا من هذا الأمر في المستقبل ؟ العالم كله في تطور دائم .
فالمرء منا إذن في هذه الحياة محارب والمحارب لا يضمن لنفسه البقاء حيا في مسيرته الحربية لكنه يُحاربُ ومطالب بالاستمرار في المحاربة كما هي حالنا في معركة الحياة مع الموت دائما ….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.