فراس عوض يكتب | يسقط المجتمع الأبوي والأمومي أيضا

0

الأب رمز العطاء والرحمة والرأفة ، ولا علاقة لمفهوم النظام الابوي بوأد فكرة الأب في الأسرة كما يعتقد الكثير، ممن لا يدرك معنى النظام الأبوي ، ويعتقد ان الغاية هي استبداله بنظام امومي واسقاط سلطة الأب، وهذا جهل بالمفهوم والمصطلح، وهو مصطلح في علم الاجتماع، و اصل المصطلح لم يرتبط بالأسرة ولا بالاسلام تاريخيا ويطلق عليه “النظام البطرياكي” وهو مصطلح ارتبط بالكنيسة عندما كانت تحكم ويترجم عربيا الى “الابوي” ، ويقابله “النظام الميترياكي” اي الامومي،وهذا كان سابقا للأبوي، المهم ان المصطلح يشير على التشريعات والسياسات القمعية الناتجة عن تركيبة وبنية المجتمع وتكوينه التي جعلت الذكر في الأسرة والشيخ في المعبد و العشيرة والحاكم في السلطة المطلقة يمتلكون زمام الامور وتناط بهم جميع القرارات والتشريعات ويمتلكون السلطة والمال والجاه و يتربعون على أعلى الهرم ، وعادة هم في معظمهم الذكور يحكمون النساء والاطفال والذكور الاضعف منهم، وتكون لهم امتيازات وثروات على حساب الفئات التي يحكموها، والتي لا تحظى سوى بالفتات.
النظام الابوي هو سلوك وتنظيم وتكوين في نظام تسوده علاقات القرابة والعشيرة والقبيلة، ولا مجال لفرد ان يكون حرا، بل يجب ان ينصاع ويتماهى مع الجماعة ويرتب كل ما فيه لهذه الغاية، وان يحمل افكارها واتجاهاتها وعقيدتها كعضو فيها وليس فردا مستقلا، وان خرج عن ذلك يقمع وينبذ، فيخرج بذلك افراد ممسوخين بلا شخصية ولا ثقة بالنفس ولا استقلالية، يعودوا ليورثوا ذلك الى الاجيال الاخرى، فالنظام الابوي نظام اجتماعي يتمتع فيه الحاكم بالسلطة المطلقة والأب له سلطة مطلقة، وقد يمارس هذه السلطة الام او الجدة او المراة في الحكم لانهم يحملوا ذات الثقافة الأبوية أو الذكورية التي توارثوها عبر عملية التربية والتنشئة الاجتماعية ، اي ليس فقط الرجال من يحمل تلك الثقافة، فالنظام الأبوي كناية عن النظام الديكتاتوري القمعي الذي يتفرد بالسلطة، ولا يتقبل الآخر ولا يترك العنان للفرد ان يقرر ما يريد او ان يصبح حرا وان يبدع ، ولا يريد للآخر ان يتداول ويشاركه القرار والسلطة، فينشأ بذلك مجتمع تسوده اللامساواة واللاحرية و تتوسع الفجوة بين افراده، ويهيمن فيه فئة على فئة مما يعيق تقدم وتحديث المجتمع وتعدديته فتسوده علاقات الصراع والعنف والمكر والكيد وانتهاك حقوق الإنسان واختلال عملية التنمية.
النظام الابوي والنظام الامومي سيان، وكلاهما نقيض للديموقراطية والتشاور والتشارك، والمطلوب ديموقراطية جنسانية، يشترك فيها الجميع ذكورا واناثا، النظام الديموقراطي يعزز فكرة الاب بمفومها المحب والرحيم وليس العكس، ويقوي فكرة الام المحبة والرحيمة، فهو يبعد صفات الهبمنة والاكراه والقمع والكبت التي تسود النظام الابوي ويزيل صفات الضعف والاستكانة والتبعية والسلبية التي تسود النظام الاموي، فيخلق مجتمع ديموقراطي متزن وجامع يتداول الجميع فيه السلطة والخيار والقرار… وبالتالي ، يسقط المجتمع الأبوي الديكتاتوري والأمومي المستكين .. ويحيا المجتمع المساواتي العادل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.