فرج أبو العز يكتب | القطاع العام في الجمهورية الجديدة

0 615

بينما تُلزم الدولة القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدنى الجديد للأجور، 2400، نجد قطاع الأعمال العام، لم يطبق بعد الحد الأدنى القديم 1200 جنيه، على العاملين فيه وهم قرابة 192 ألف عامل، لا شك يعولون أسرًا، ومع افتراض “متوسط أربعة أفراد لكل أسرة” نجد أن هناك نحو 768 ألف مواطن يعيشون في ضيق.
هذا الأمر يتطلب تحرك عاجل من الدولة لتطبيق الحد الأدنى للأجور لقطاع في الدولة تحمل الكثير والكثير فالقطاع العام كان الذراع الدولة لتأمين السلع الاستراتيجية المهمة مثل: الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة وغيرها، ولم يكن العاملين فيه سببًا في تدهور أعماله خاصة وأن المشاكل معروفة وأبرزها تدني مستوى الإدارة، ووجود فساد، مع غياب لمفهوم الحوكمة، ثم سياسة الخصخصة التي تم من خلالها بيع شركات مهمة بأسعار بخسة لا تضاهي قيمة الأراضي التي أقيمت عليها تلك الشركات.
قانون قطاع الأعمال، المُحدث في يوليو 2020، لم يسفر عن نتائج إيجابية حتى الآن وهناك شركات لا شك في استراتيجية منتجاتها للدولة تم تصفيتها بحكم القانون عندما تتجاوز الخاسر رأس المال.
ملف قطاع الأعمال العام يتطلب حلولًا خارج الصندوق؛ خاصة وأن تلك الشركات تحملت طويلًا سياسة التسعير الجبري لمنتجاتها. ويقيني أن القيادة السياسية وحدها قادرة على تحريك هذا القطاع المهم الذي لايزال مكبلًا بتسديد مديونيات للدولة بلغت 44 مليار جنيه تم سداد جزء كبير منها ولا تزال هناك 10 مليارات جنيه يتم السعي لتسويتها مع وزارة المالية.
حسنا فعلت وزارة قطاع الأعمال العام برصد المخصصات اللازمة لإنعاش شركة النصر للسيارات بعد أن كانت على وشك التصفية باعتبارها ذراعا مهما لمنتج استراتيجي وليس كماليا وهي السيارات ويجب أن نبحث مليا ملف فشلنا في إنتاج سيارة وطنية حتى الآن رغم أن محاولاتنا بدأت قبل دول سبقتنا بكثير في هذا المجال مثل كوريا الجنوبية وماليزيا والمغرب.
لست مع منافسة القطاع العام للقطاع الخاص الذي أصبح شريكًا مهمًا في حركة التنمية التي تشهدها مصر على كل المستويات، لكني مع أن يكون القطاع العام مكملًا لدور القطاع الخاص حتى لو استلزم الأمر عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص وفق سياسة الدولة في الحفاظ على الصناعات الاستراتيجية والعمل على توطين الصناعة في كل المجالات.
لماذا لا ندرس جيدًا مقترح عودة شركات قطاع الأعمال للوزارات التي كانت تابعة لها من قبل، فقد كانت تلك الشركات في حال أفضل من الوقت الحالي وكانت الدولة تعتمد عليها في ضمان تأمين السلع الاستراتيجية المهمة التي لا يستطيع القطاع الخاص خوضها. ولا نريد أن نكرر تجارب ثبت فشلها بشكل ذريع مثل دخول شركات القطاع العام في أنشطة لا تجيدها وهي تاريخيا من صميم أعمال القطاع الخاص مثل بيع الفول والطعمية وشي الأسماك فتلك أنشطة صغيرة نشأت في عباءة القطاع الخاص.
لست أيضًا مع دعاوى زيادة عدد العاملين الإداريين في الشركات مقارنة بالعمالة الفنية، فهروب العمالة الفنية من تلك الشركات للقطاع الخاص جاءت لأن ظروفه المادية أفضل وهذا مبرر لا يمكن أن يرفضه العامل الفني وعلينا عمل تأهيل تحويلي إجباري للعمالة الإدارية الموجودة في تلك الشركات بحيث يتحول جانب كبير من العمالة الإدارية إلى عمالة فنية مدربة بدلا من سياسة المعاش المبكر التي حولت عدد لا بأس به من العاملين بالقطاع لطابور البطالة التي تعانيه الدولة مع دخول 2,5 مليون مواطن لسوق العمل سنويًا.
ملف قطاع الأعمال العام شائك وبه الكثير من الألغام وعلينا فتح هذا الملف المهم لتأمين السلع الاستراتيجية المهمة وكذلك تحسين معيشة العاملين فيه. وليس هناك أدنى شك في قدرة القيادة السياسية والحكومة في الوقت الحالي على التعامل مع هذا الملف الشائك خاصة مع الإنجازات التي تحققها الدولة في كافة المجالات والتي يشهد بها القاصي والداني ولا ينكرها غير جاحد أو حاقد أو عدو لئيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.