محمد شعبان محمد يكتب | روسيا أمريكا .. بين الشرق والغرب

0 577

هناك دول تتحد وأخرى تعلن الاستقلال وتنفصل جمهوريات تنشأ وإمبراطوريات تتلاشى وتحالفات تتكون. تتجه كل أنظار العالم نحو ما يدور على الحدود الروسية الأوكرانية وسط دعوات لنزع فتيل أزمة قد تحدث من خلال وساطة من قادة ورؤساء وزعماء دوليين باءت كلها بالفشل. فهل هناك أسباب للوصول إلى هذا الموقف؟ وما هي اللعبة التي يستعد بها كلا الطرفين؟

أسئلة عديدة تطرح نفسها في الأحداث الحالية التي تعد أهم القضايا عالميًا فهناك من يتخذ موقفًا حياديا وهناك من يساعد ويعزز في العتاد والتسليح العسكري في حال التجهيز والمواجهة المحتملة بين مطامع الجانب الروسي ونفوذ الكتلة الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

فلا سبيل لبقاء نسق عالمي واحد وهذا ما يدور في فلك الروس والذي لا تقبل به الولايات المتحدة الأمريكية واحتفاظها بسيادة العالم لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والسياسية كقوة عظمة لا تقبل بشريك، يرى المحللون السياسيون إن أسباب الأزمة في الأساس هي قضية (جزيرة القرم) المطلة على البحر الأسود  وهذا يعتبر سبب ظاهري لا يستطيع من أجله حشد القوات العسكرية أو الدفع للمواجهة ولكن قد تكون الحلول الدبلوماسية هي سبيل وأسلوب كافي في حل هذا العائق، وعلي الجانب الآخر يرى البعض إن السبب هو عدم السماح (لأوكرانيا) الانضمام لحلف الناتو والذي يترتب عليه تهديد للأمن القومي الروسي .وأما عن توقعاتي في الشأن من خلال النظر إلي ما يدور  من خلال الأحداث السابقة يمكن عرضها على حضراتكم وهي برغم أن الانضمام لحلف الناتو من قبل اوكرانيا يمثل تهديدًا ولكن ليس هو فقط بل لو نظرنا إلى تحرك الجانب الروسي في القضايا العالمية في مناطق النزاعات المختلفة من العالم لم يكن في السابق أمرا معتاد  أما الآن أصبح واقعًا تستدل عليه المواقف والأحداث، بالرغم من تأزم الوضع في سوريا لم يستطع أن يتم الإطاحة بالنظام السوري بسبب  دعم وتواجد الجانب الروسي ابتداء من تصريحات وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) حتى تدخل قوات الجيش الروسية في الصراع  وتعد هذه أولى الخطوات  أما الخطوة الثانية فكانت على الأراضي الليبية في حال تدخل المليشيات المسلحة في مواجهة والجيش الليبي وذلك في حالة من الغياب تام للدور الأمريكي وكذلك التواجد الروسي في سوريا يمثل تهديدًا للجانب الإسرائيلي الابن المدلل للولايات المتحدة الأمريكية و يمثل التواجد الفعلي الأمريكي في الشرق الأوسط.

أما عن الجانب الاقتصادي والعسكري وبعد سنوات من التعاون الروسي الصيني والذي يمتلك الأخير التقدم التكنولوجي في عالم البرمجيات أصبح السلاح الروسي يوازي صناعة السلاح الأمريكي والدليل ما تم تصنيعه ومن طائرات حربية من طراز (سوخوي 35) والتي تتقارب مع الطائرة القتالية الأمريكية ( F35) نستنتج من ذلك أصبح للولايات المتحدة الأمريكية منافسا في عملية بيع السلاح وكذلك في عالم الصواريخ والذي تفوق فيه الجانب الروسي وتمثل في إنتاج صواريخ من  طراز(S300)وكذلك المعدل منها(S400) وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي كذلك أصبحت روسيا تشارك في وضع ورسم الإطار السياسي العالمي ،بل وان الأمر الأكثر من ذلك تطرق إلى القارة الإفريقية والتي كانت فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تصول وتجول في القارة الإفريقية استنادًا إلى أنها الحليف القديم للولايات المتحدة الأمريكية والعضو الدائم في مجلس الأمن واحد القوة المؤثرة في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، والذي يرجع عليها بالمنفعة الاقتصادية من خلال الحصول على المواد الخام من الدول الأفريقية مثل (اليورانيوم) المستخدم في الصناعات النووية والتي تحصل عليها من (تشاد، النيجر)وكذلك رسوم سك العملة التي تحصل عليها من كثير من الدول الأفريقية، أما الآن، لأول مرة، تدخل  القوات الروسية إلى افريقيا من خلال إنشاء فرق عسكرية أو إقامة وتأسيس قواعد عسكرية في عدد من الدول الأفريقية مثل: (السودان، الصومال، مالي، اثيوبيا)، والتي تعتبر أيضًا سوق جديد لبيع السلاح الروسي في هذه الدول.

أما الجانب الأمريكي فيلعب على الضغط، في ومواجهة التمدد الروسي بورقة (اوكرانيا) وانضمامها لحلف الناتو ، مع إقامة حوائط صواريخ كما حدث من قبل في (جورجيا)، ووضع قيود وعقوبات اقتصادية من خلال البنوك ولو على الصادرات التي تخرجها للدول  الأوروبية من الغاز  وهنا تعتبر مفترق طرق فهناك دول تدعم الجانب الأمريكي في مواقفه وأخرى لا تنوي الدخول فيه من الأساس مثل (ألمانيا) وبالتالي هناك دول أخرى تفكر من منظور الجانب الألماني  تأثرها باي من الأضرار أو الدخول في مواجهة مع الجانب الروسي بالإضافة إلى تواجد الروس في سوريا  وليبيا ودول أفريقية ينذر بحالة من السيطرة  على بعض  الحقول  التابعة لهذه الدول من الغاز الطبيعي أيضًا وهنا لا تستطيع دول أوروبا الحصول على الكميات الكافية لفترات متتابعة أو متعاقبة  ،في مقابل ذلك  على أوروبا وامريكا القبول بروسيا كقوة عالمية أخري  من شأنها تقاسم  الهيمنة الأمريكية على العالم والاعتراف بها كقطب  ثاني  في النسق العالمي  بجانب الولايات المتحدة الأمريكية لأنها لا تستطيع دائمًا الحرب  بمفردها.

 

* محمد شعبان محمد، باحث في العلوم السياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.