نعمه محمد النجار تكتب | ضحية العنف

0 503

إن كل ما يُزرع منذ نعومة أظافرنا سوف نرى حصاده في حياتنا. الطفل الذى تعرض للإهمال وسوء المعاملة والعنف في طفولته أدى ذلك إلى طفل محمل بالتراكمات والأزمات النفسية المختلفة التي جعلت مستقبله مع أسرته محملا بالمشاكل وطريقة للتعامل معهم أصبحت هي العنف في المقام الأول ووسيلته السهلة، وتكون تفريغا لشحناته الناتجة عن مشاكل عديدة مثل الفقر أو هناك دوافع اجتماعية تتمثل في العادات والتقاليد، ويكون أول ما يلجأ إليه هو العنف الجسدي والضحية تكون «المرأة» ويكون المنبع الرئيسي للخلافات بينهم لأسباب عدة، وتتمثل فى: الافتقار لحل المشكلات أو الغيرة أو الشك أو أن هذا الشخص الذى يمارس العنف يتعاطى الكحول والمخدرات والإدمان، ولكن تتعدد الأسباب وتظل الضحية واحدة وهو «الطفل» وبقاؤه داخل دوامة العلاقات الزوجية العنيفة مما ينتج عنه: تأثيرات سلبية على صحته النفسية ولن تتوقف عند هذه النقطة؛ فمستقبل هذا الطفل أصبحنا ندركه بعد كل هذه المعارك والأزمات، مستقبل به انحراف سلوكي وجنسي وقتل وانتحار «إلا من رحم ربى» واستطاع التغلب على كل هذه الأزمات وواصل السعي في الطريق الصواب.
نلاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد جرائم القتل الأسرية وهذا لأسباب عده أولها هي الاختيار غير الصحيح للزوجين، وزيادة الأعباء مع غياب المودة. يزيد ذلك من الخلافات الزوجية ومطالبة الزوجة بالطلاق أو تعرضها للعنف الجسدي الذي قد يودي بحياتها وحدوث التفكك الأسرى والضحية في كلتا الحالتين هم «الأبناء».
يبرز دور الدولة وجهودها لِمواجهة العنف الأسرى والتي تعتبر المنبع الرئيسي والأساسي لمعظم قضايا الطلاق، حيث قامت بوضع عقوبات تصل «للمؤبد» كما ورد في القانون الموحد لمواجهة العنف ضد المرأة، ويتضمن 50 مادة قانونية واشتمل هذا القانون في أحد بنوده ولأول مرة بشأن العنف الرقمى وهو العنف عبر الإنترنت والتنمر الإلكتروني الذي أصبح الجميع عُرضة له من الكبار إلى الصغار.
الدولة في هذه الفترة توجهت بعد أن وجدوا أن نسبة وثائق الرأى والمقترحات 34 % من مقترحات خاصة بالمحور المجتمعى، ومن لجان المحور المجتمعى لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى، وبالتحديد هذه اللجنة سوف تكون حافزا وتشجيعا للأفراد للمشاركة في الحوار الوطني والساحة الشعبية لما يلمس مشاكلهم الواقعية ويرصدها بعمق ودقة.
ونلاحظ أنه أيضا في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بدور وسائل الإعلام في هذه القضية وخاصة «وسائل التواصل الاجتماعى» ظهور ما يسمى بـ«اليوتيوبرز» «والبلوجر» وغيرهم كل هؤلاء لا يكاد يخلو هاتف دون فيديوهاتهم ومنشوراتهم التي دائما تصدر لبيوتنا المصرية المشاعر السلبية والاعتراض على المعيشة وهى قضية شديدة الخطورة في صداها وفى سرعة وصولها، وتجعل البعض يشعر بضيق حال معيشته والحاجة للرفاهية والعيش والاستمتاع بالمال والثروة مثل ما يشاهدونه من هؤلاء الأشخاص في فيديوهاتهم.
ويترتب على ذلك طلب الزوجة من الزوج مطالب كثيرة لترضى متطلباتها وحاجتها، غافلة تماما عن ظروف المعيشة وضيق رزق زوجها أو تواجد مسؤوليات أخرى أحق وأجدر بالاهتمام بها، فتنشأ خلافات شديدة بينهما قد تؤدى إلى الطلاق، ولاحظنا قضايا كثيرة مثل هذه في مجتمعنا في الآونة الأخيرة.
ونجد أيضا توجهات «وسائل الإعلام» وخاصة في الدراما التليفزيونية في دراما رمضان 2023 التي تتناول ملفات تتعلق بالأسرة وحق الأم في الوصاية على أطفالها في حالة غياب الأب بتعدد أسبابه وغيرها من الأعمال الدرامية التي أحدثت صدى واسعا في البيوت المصرية وأصبحت حديث الشارع، وأن أي تعديل تشريعي في الفترة المقبلة سيؤثر على الأسرة مستقبلا.
لا ذنب لأطفالنا أن يقعوا ضحية أزماتنا، فهم شباب المستقبل ومحصول مجهودنا. يجب الحفاظ عليهم وتغذيتهم بالمحبة والسلام والسواء النفسي، ليكونوا مواطنين صالحين في مجتمعهم قادرين على تحمل المسؤولية في مستقبلهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.