أ.د. جمال السعيد يكتب | قناة السويس.. الاختيار الوحيد

0 689

في نوفمبر من كل عام تمر ذكرى تستحق التأمل والوقوف أمامها طويلًا كونها تؤكد على عظمة وإصرار الشعب المصري وتضحياته الجسيمة عبر العصور، ففي السابع عشر من نوفمبر عام 1869، تم افتتاح قناة السويس بعد أن قدم الشعب المصري تضحيات عظيمة تمثلت في استشهاد 120 ألف مصري خلال عمليات شق القناة التي جرى بداخلها دماء المصريين قبل أن تمر بها المياه.
إن كل من يتعامل مع التجارة الدولية، وقطاعات الاستيراد والتصدير، ونقل البضائع، يعلم جيدًا أهمية قناة السويس كممر ملاحي عالمي لا غنى عنه، حيث إنها أهم ممر مائي عالمي نظرًا لتحكمها في نسبة مؤثرة من حركة التجارة العالمية، وكونها الرابط الأساسي بين مراكز الإنتاج ومراكز الاستهلاك.
بدورها تدرك القيادة السياسية أهمية قناة السويس كونها هدية مصر إلى العالم، لذا حرصت مصر على تعظيم مكانة قناة السويس من خلال افتتاح قناة السويس الجديدة عام 2015، وهو الأمر الذي ساهم في تقليص فترة عبور السفن والبضائع.
رغم محاولات البعض للترويج من آونة لأخرى إلى طرق وممرات يظنونها بديلة لقناة السويس ولكن جميع هذه المحاولات والبدائل المزعومة أكد الزمن والتجربة والدراسات العلمية عجزها عن مواجهة قناة السويس وإنه لا بديل عن القناة المصرية التي تُعد أقصر وأفضل طريق ملاحي آمن بين الشرق والغرب. وسأعطي مثالًا واحدًا للتدليل على مدى مساهمة قناة السويس في توفير الوقت والمسافات والجهد، فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى المسافة التي تقطعها السفينة من ميناء رأس تنورة، أحد أهم الموانئ النفطية السعودية، إلى ميناء روتردام، سوف نجدها قرابة 6436 ميلا بحريًا، وذلك في حال مرورها عبر قناة السويس، بينما تكاد هذه المسافة أن تتضاعف لتصل إلى 11169 ميلًا بحريًا في حال المرور عن طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما يعني أن قناة السويس قد وفرت الوقت والجهد والتكاليف.
تأكدت أهمية قناة السويس مجددًا عند وقوع أزمة جنوح السفينة “إيفرجرين” في قناة السويس، في مارس الماضي، حيث لم يكن النجاح المصري الوحيد هو التمكن من تعويم السفينة الجانحة بكفاءة واحترافية إنما التأكيد مجددًا أن القناة هي أهم ممر ملاحي ولا يوجد لها بديل أو منافس، وأن العالم كان يحبس أنفاسه عند وقوع الأزمة، حيث تابع الجميع تداعياتها لحظة بلحظة إلى أن تمكنت مصر من تعويم السفينة بنجاح، لتؤكد هذه الحادثة أن أعين العالم تتطلع دائمًا إلى قناة السويس وتدرك كونها همزة الوصل الأهم بين الشرق والغرب، وأن قناة السويس ستظل دائمًا هي الاختيار الأول والوحيد.

* أ.د جمال السعيد، نائب بمجلس النواب، عضو لجنة النقل والمواصلات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.