إيرينى سعيد تكتب | الحوار الوطنى.. معطيات ومحددات

0 360

تبرز عدة محددات حال انتهاج الدولة للحوار ومفاهيمه، لا سيما أن يكون هذا الحوار سياسيا أو وطنيا خالصا.. أهمها على الإطلاق.. آليات إجراء الحوار.. أهداف هذا الحوار.. الجهات والمؤسسات المعنية بإستراتيجياته .. معايير نجاحه.. والأهم الأطراف المشاركة ومدى تمتعها بالقبول لهذه العملية السياسية الجديدة_ أى الحوار_ وربما مجرد الإلمام بهذه المحددات والوقوف عليها.. يضمن فعالية الحوار وجدواه.. بل ويضعنا على الطريق السليم..
والحقيقة أن دعوة الرئيس ” عبد الفتاح السيسي” للحوار الوطنى وفى أكثر من مناسبة، جاءت ضمن أقوى المعطيات، والتى أظهرت الرغبة الحقيقية لدى الدولة المصرية فى تبنى حوار حقيقي، هدفه الأساسى الانفتاح على كافة أطياف المجتمع المصرى والاستماع لهم.. ولعل ما يزيد من ثقل هذه الدعوة، كونها قادمة من الطرف الأول والأقوى ورأس السلطة التنفيذية بالبلاد، موجهة إلى مختلف القوى والتيارات السياسية.
إن كانت الحوارات السياسية غالبا ما تطلق من أجل احتواء الصراعات والنزاعات السياسية، بل يتم الدعوة لها فى العموم من أجل التهدئة، وربما كثيرا ما يحكم عليها بالفشل قبل انطلاقها، ومن حولنا الأمثلة عديدة وأشهرها الحوارات الوطنية، والتى أعلن فى ليبيا.. سوريا.. اليمن، إلا أن الأوضاع فى مصر تختلف كون أن الدعوة جاءت للحوار السياسي، برغبة تامة من قبل الدولة نفسها، كما أن مصر تتمتع بحالة واضحة من الاستقرار وعلى معظم المستويات، وأن الهدف الأساسي من الحوار هو الاستماع وتلاقى الرؤى ووجهات النظر، مع استيعاب الجميع، ولعل عبارة الرئيس الواضحة ” الوطن يتسع للجميع، وأن اختلاف الرأى لا يفسد للوطن قضية” كفيلة بإبراز الهدف الأول لهذه النوعية من الحوارات.
ثمة عدة مقدمات أو يمكن الجزم بكونها مجموعة من المعطيات الأخرى المتاحة، أهمها حالة الرضا السياسي المسيطرة على المشهد.. ومنذ إعلان الرئيس عن الحوار وإتخاذ المبادرة بالحوار الوطنى.. وقد أعلنت معظم القوى والتيارات قبولها واستعدادها التام.. أيضا المبادرة والقادمة من داخل البلاد كفيلة بضمان إتمامها.. على العكس مبادرات الحوارات والقادمة فى صورة إملاءات من الخارج.. والمحكوم عليها بالفشل والإخفاق المسبق .. بالتالى متاح لدينا الأسس الأولية والأرضية المشتركة من الرضا والقبول العام بالمبدأ.. تتبقى التحركات الجادة من قبل صناع القرار ومراكز الأبحاث والدراسات.. ومن أجل إعداد خطة العمل وآليات التنفيذ.. مع إيضاح الأهداف .. والأهم المعايير الممكن من خلالها قياس هذه الأهداف، ومعرفة نسب إنجازها.. مع تحديد المؤسسات والهيئات المنوط بها مهام التنفيذ وتحديد المدخلات ومن ثم الخروج بالتوصيات مع إلزام كافة الأطراف بها.
الأمر أبعد ما يكون عن التعقيدات، خصوصا أن كل الأطراف متوافقة ومتأهبة للحوار، وأن المساحات المشتركة متواجدة، أضف أيضا كل عناصر الاستقرار السياسي فى مصر هى مشيدة بالفعل، بالتالى ممكن القول إن عملية إدارة الحوار الوطنى المصرى أصبحت أكثر سلاسة وانسيابية فى ظل المعطيات المتاحة والمقدمات المطمئنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.