عبد الغني الحايس يكتب | أنا والحوار الوطني

0 306

لا شك أن الحوار شيء إيجابي، نتفق ونختلف لكن فى النهاية نستطيع أن نخرج بنقاط اتفاق تساهم فى دفع عجلة الوطن للأمام. لكن وجه نظري الشخصية ينبغى أن يكون الحوار من القاعدة إلى قمة الهرم. علينا أن نستعرض خريطة الوطن، بشكل شامل ونظرة أوسع، فكل فئات الشعب شركاء فى وطنهم لا استثناء لأحد، طبقا للدستور الكل سواء أمام القانون وكل له حقوق وعلية واجبات.
ما يهم الفلاح فى الحوار عكس ما يهم المهندسين والمحامين والسياسيين، كذلك اختلاف درجات الوعي بكل قضايا الوطن بين أبناء الشعب، فلو وضعت نفسي مكان أحد أهالينا من الفلاحيين وبحثت عن أهم ما يفكر فيه، ستكون أمور خاصة به وليست أمور عامة، مثل مشكلة التقاوي والتسويق للمحاصيل وأسعارها وتوافر المبيدات ونقص الخدمات والتى تقوم الحكومة حاليا بتحقيها من خلال حياة كريمة وتوفير مدارس كافية ووحدات صحية واجتماعية ومراكز حكومية خدمية ومراكز شباب وصرف صحي ومياه وكهرباء.
لأنني أمثل الفلاحيين وكنت أقطن فى قرية مصرية كنت دائمًا ما أعاتب على الدولة غض طرفها عن مشاكلنا، بل كنت أتسال هل تعلم أن هنا مصريين يعيشون بدون اى خدمات بغير اعتراض وراضون قانعون برغم سوء الأوضاع؟
كلنا نعرف مثلًا أن الصعيد ظل لسنوات تحت الإهمال الشديد وقصور كامل فى كافة الخدمات وكانت نتائجة هجرة داخلية إلى المدن وما تسببه من أثار، حتى أدركت الدولة فى ظل الجمهورية الجديدة ضرورة النظر إلى الطرف الغائب لعقود، وأولته العناية ودبت الحياة واقيمت مدن جديدة وصناعات جاذبة وحياة أدركها اهالينا فى الصعيد تتغير للأفضل.
كما ان هناك نقابات كثيرة المفروض ان تعبر عن أصحابها مثل نقابة المحاميين والمهندسين والمعلميين والأطباء وغيرهم من النقابات والاتحادات، فعلى تلك النقابات ألا تخرج عن نطاق ما يخصهم وما يطور أدائهم ويحسن أدائهم ورعايتهم. ولا ننسى أن هناك فئات أخرى لا تنتمي إلى أي نقابة أو اتحاد عليهم أن يبحثوا عن كيفية إنشاء كيان حقيقي يعبر عنهم وعن تطلعاتهم.
سيعتب على البعض فيما أقول، وأن من حق الجميع أن يشارك فى الحكم وأن يكون له رأيًا في مصير وطنه. لا أنكر ذلك لكن لا تسير الأمور مشاعًا، فأنا لست رجل اقتصاد لأرسم السياسة الاقتصادية للدولة، ولا طبيب لأعالج المرضى ولا مهندس لأخطط لبناء المدن ولا رجل سياسة يضع السياسة العامة لها، علينا أن نضع كل أمر فى قدرة حتى نستطيع ان نخرج من هذا الحوار بأوجة القصور وطرق العلاج حتى تتعافى مصرنا الحبيبة وننهض بها إلى رقى وتقدم.
لو كنت مريضًا ستذهب إلى الطبيب، ولو أردت أن أعرف معاناة الفلاحين وانا رجل سياسى سأحاور الفلاحين وأنزل إليهم أو تقوم نقابتهم بعرض مشاكلهم لسعى الدولة إلى حلها، وتتبنى الأحزاب السياسية تلك المشاكل لانها تعبر عن جموع المواطنيين وداخل أروقتها لجان نوعية مختلفة تهتم بعرض كل تلك القضايا وتسعى إلى بلورتها خلال إجراءات وتشريع يرفع العبء عن كاهل المتضرر. لذا علينا أن نرفع واقع حقيقي لأحوالنا، ومن حسن حظنا أن الحوار سيكون في كل المحافظات، وبالتالي ينبغي أن يتم تدريجه على خريطة التقسيم الإداري للدولة.
أنا أطالب أن يجتمع أبناء كل قرية لكتابة تقرير كامل عن تصورهم لنهضة قريتهم اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا وسياسيًا ويرفعوا واقع حقيقى سواء لمشاكلهم واقتراح حلول نهضوية لها. وما يتم في القرى يكون في الأحياء والمدن حتى يصل إلى المحافظة علينا برفع واقع حقيقي لخريطة مصر. ونقترح من خلال مناقشاتنا وحوارتنا المختلفة تغيير هذا الواقع إلى الأفضل، وأن نتفق على أولويات هذا التغيير حسب التمويل وكيفية المساعدة فيه ووضع خطط زمنية لإنجازه. ونخرج من هذا الحوار بحصر نقاط القوة والضعف وكيفية العلاج.
يجب على الجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ولا يبحث عن مجد شخصي، أو تصفية حسابات مع أحد، الوطن أهم لأننا جميعًا نعيش على أرضه وتظلنا سماءه… حفظ الله مصر وشعبها وحقق نهضتها ورفعتها على أيد أبنائها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.