بولا أبوالخير يكتب | الأزمة السودانية والدبلوماسية المصرية

0 552

في الوقت الراهن يشهد المجتمع الدولي توترًا شديدًا في الساحة الأفريقية بسب اختلاف وجهات النظر داخل صفوف العسكريين في السودان، ما أدى إلى نشوب صراع حاد بين قوات الجيش الوطني (SAF) بقيادة وزير الدفاع عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع (RSF) بقيادة الفريق الأول محمد عبدالفتاح دقلو (حميدتى)، وأدى ذلك إلى تغييرات جذرية في اتجاهات واستراتيجيات القيادات السياسية داخل العديد من الدول خاصة دول الجوار، وتأتى مصر في أولى الدول المتأثرة بهذه الأزمة في كل النواحي الاقتصادية والسياسية ومن جانب آخر الناحية الأمنية، بسبب وقوع دولة السودان من ضمن دوائر ومستويات الأمن القومي المصري.
منذ بداية الصراع داخل الحدود السودانية بين قوات الجيش الوطني وقوات الدعم سريع، حظيت مصر بنشاط دبلوماسي شديد الكثافة على الصعيدين الإقليمي والدولي باعتبارها أهم دول الجوار لدولة السودان، ويظهر نشاط وبراعة الدبلوماسية المصرية بقيادة وزير الخارجية (سامح شكري) في التعامل مع العديد من الملفات المهمة ومنها ملف إعادة الجنود المصريين والجالية المصرية، وذلك بالتنسيق مع العديد الأطراف، والجدير بالذكر ملف استشهاد السيد محمد الغراوي مساعد الملحق الإداري بسفارة جمهورية مصر العربية في الخرطوم، والذى توقع العديد من المحللين والباحثين في الشؤون الأفريقية أن هذا سيؤدى إلى توتر في العلاقات المصرية مع الطرف السوداني، ولكن الذى ظهر بالفعل عقب هذه الحادثة رشادة وعقلانية القيادات الدبلوماسية في التعامل مع الموقف، ما يؤكد على دور مصر في احتواء الأزمات دون توتر من أى جانب.
إذا تطرقنا إلى جهود الخارجية المصرية مع الأشقاء العرب بشأن أوضاع السودان نجد تكاملا وترابطا بين مصر والمملكة العربية السعودية منذ بداية النزاع من خلال العديد من الاتصالات الهاتفية بين الطرفين بشأن الأزمة، والذى أدى بدوره إلى دعوة جميع أعضاء مجلس جامعة الدول العربية إلى ضرورة انعقاد دورة للمجلس من أجل التباحث في الشأن السودانى والحد من تداعيات هذه الأزمة سواء على المستويين الإقليمى والدولى، ومن ثم يبرز الدور المحورى والقيادى للدولة المصرية مع المنطقة العربية في التعامل مع هذا الاضطراب، ولذلك ترأس معالى الوزير سامح شكرى هذه الجلسة وأعرب عن تضامن الدولة المصرية بجانب الشعب السودانى لوجود العديد من الروابط التاريخية والاقتصادية والسياسية.
وفى هذا السياق تتبلور جهود الدبلوماسية المصرية بناءً على توجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى في حرصها على مشاركة دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان من أجل تقييم الأمور والأوضاع، وسعى الدولة المصرية إلى توحيد وتوافق الرؤى والتوصل إلى وقف إطلاق النار، ومن ثم اتخاذ المسار السلمى في حل النزاع عن طريق المفاوضات مما يبرز حيادية الدولة المصرية تجاه أطراف النزاع.
وفى الختام تسعى الدولة المصرية وجميع القيادات السياسية للتوصل إلى تقارب في وجهات النظر بين أطراف النزاع، ومن المتوقع إذا تفاقمت هذه الأزمة عن هذا الحد يمكن أن يؤدى بدوره إلى تقسيم دولة السودان، ومن ثم التأثير السلبى على مصر تجاه ملف سد النهضة، وذلك لطبيعة العلاقات بين إثيوبيا وقوات الدعم السريع بشأن هذه الأزمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.