د. محمد بغدادي يكتب | الدولة وذوي القدرات الممتازة

0 282

إن الدولة المصرية باتت تهتم اهتمامًا بالغًا بذوي القدرات الخاصة والممتازة في محاولة جادة لاندماجهم في مجتمعهم المصري فقال تعالى «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ»، كما كان (صلى الله عليه وسلم) يدعو للمريض، ويبشّره بالأجر والمثوبة نتيجة المرض الذي لحق به، فيهون بذلك عليه الأمر، ويرضيه به فيحتفل العالم في الثالث من ديسمبر باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة. والذي بدأت الأمم المتحدة الاحتفال به عام 1993، إلى تعزيز فهم القضايا ذات العلاقة بالإعاقة وتحريك الدعم لحصول ذوي الاحتياجات الخاصة على حقوقهم في كل أنحاء العالم. وتعميق التفاهم بين القضايا الخاصة بالإعاقة البدنية، أو العقلية، والحفاظ على كرامة هؤلاء المصابين
وقد أعطى الإسلام هذه الفئة من المعاقين، أو ما يُطلق عليهم اليوم ذوي الاحتياجات الخاصة، حقوقهم، واهتم بشأنهم؛ فحرص على دمج المعاق في مجتمعه، وأثبت لهم كثيراً من الحقوق، فمن ذلك حق العيش باحترام وتقدير من الآخرين، وحق التعلم قدر إمكاناته، وحق الرعاية الصحية والاجتماعية، وحق العمل في المجالات التي تعلمها، وحق التملك، وحق الزواج والإنجاب، وحق المشاركة في الحديث والمناقشة، والأخذ برأيه كلما أمكن ذلك، وقديمًا كان يُطلق على أي شخص توجد فيه إعاقةٌ اسم المُقعد، ثمّ تطورّ بعد ذلك حتى باستخدام اسم ذوي العاهة دلالة على الشخص الذي توجد به إعاقة، بعد ذلك أُطلق عليه اسم العاجز، فكانت النظرة في الزّمن الماضي تدور حول تلك المسميّات، لكن بعد ذلك أصبح هنالك فرقٌ في تلك النّظرة على اعتبار أنّ أفراد تلك المجتمعات هم الّذين عجزوا عن تقبلّ تلك الفئة، واستثمار قدراتهم، خاصّةً أنّ تلك الفئة من الممكن أن تكمن لديها قدراتٌ ومواهبٌ يمكن الاستفادة منها، وتطويرها لتكون فئةً فاعلةً في المجتمعات، وربّما تتميز تلك الفئة عمن حولها من الفئات، والتسميات القديمة توّلد في نفس ذوي الحاجة الخاصّة شعورًا بالإحباط، مما يؤثرّ على حياته وعلاقته مع المجتمع، لذلك وجدت التسميات الجديدة، التي تبعث في نفوسهم الإيجابيّة والحيويّة؛ كتسمية ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتسمية ذوي الصّعوبات، وحثّ الإسلام على أن يُنادى الإنسان بأفضل الأسماء وأحسنها
كما حثّ الإسلام النّاس على احترام ذوي الاحتياجات، واحترام حقوقهم، والأخذ بيدهم، ومعاونتهم في جميع ما يحتاجونه في أمور حياتهم، وكلّفهم بما يستطيعون فعله من الأحكام الواجب فعلها، حسب قدرتهم، فلم يكلّفهم ما فوق طاقاتهم وقدراتهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)، وكما رغبّ الإسلام في دمج تلك الفئة في المجتمع مع الفئات جميعها ليتشاركوا مع بعضهم البعض، فإنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بيّن في الأحاديث الشّريفة أنّ الإنسان في المجتمع إذا اضطر إلى أن يخالط بعض المرضى، فلا بأس في ذلك ولا خوفٌ منه، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجعل المرضى والضّعفاء قادةً عندما يخرجوا في ركبٍ، فكان أثر ذلك كبيراً على أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصّة؛ لأنّهم أعطوا ثقةً في أنفسهم، وتمّ دمجهم في المجتمع الذي سيخافون منه لو كانوا مبعدين عنه، فالإسلام له منهجٍ صحيحٍ متكاملٍ، يعنى بكلّ الوقائع والأحداث والأمور، فلم يُترك مجالٌ إلّا وكان للدين الإسلاميَ بيانٌ ورأيٌ فيه، فقد اعتنى الإسلام بكلّ فئات المجتمع، ومن تلك الفئات التي اعتنى فيها؛ فئة أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصّة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.