د. وليد عتلم يكتب | ما بين التأييد المُحَرم والمشبوه

0 449

إذا كنت تريد حقك في المعارضة فلا تحرمني حقي في التأييد، ذلك أبسط معنى وتعريف للديمقراطية التي تنادي بها وتسعى إليها. من أبرز آفات من يدعون المعارضة في مصر أنهم ينادون بالديمقراطية وحرية الرأي ولا يعملون بها، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، يطلبون الحرية للمعارضة، ويحجرون على أبسط حقوقك في اختيار من تؤيد، وإلا تصبح منافقا ومتملقا للسلطة، رغم أن هذا أبسط الحقوق الديمقراطية؛ الحق أن تختار، وأن تعبر بحرية عن هذا الاختيار.
ثم المقابل هم لهم الحق في اللجوء للخارج والاستقواء به، أو اللجوء لجماعة محظورة شعبيا قبل أن يتم حظرها قانونيا في تأييد مشبوه. أما أنت عزيزي المواطن المؤيد لمشروع وطني ــ نتفق ونختلف عليه لكن أبسط حقوقك أن نحترم اختيارك ــــ فهو تأييد مُحَرَّمٌ لا حق لك فيه، رغم أنه أول الحقوق وأبسطها، وهكذا تسير الانتخابات الرئاسية المصرية ما بين التأييد المُحَرَّمٌ والتأييد المشبوه.
الواقع يشير أيضا إلى أن المعارضة تعيش “أزمة سياق” ما بعد يناير 2011، فهي لا تزال ترفع شعارات الخمسينيات، وتستخدم ذات أدوات النضال في الستينيات في عالم مختلف تماما محدداته. ولا أجد وصفاً لحال المعارضة المصرية أفضل مما كتبه الكاتب السوداني الكبير عثمان الميرغني في مقال له عام 2016 بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية تحت عنوان “أزمة المعارضة العربية” والتي جاء فيها: “أن الربيع العربي لم يكشف فقط حجم أزمتنا وأزمة الأنظمة التي ثار الناس ضدها، بل كشف فشل المعارضة أو المعارضات العربية في تقديم نفسها كبديل مقنع، وموثوق، وقادر على تحقيق طموحات الناس وآمالهم.
أزمة المعارضة العربية سابقة بالتأكيد للربيع العربي، لكنها ترسخت أكثر في ذهن الناس بسبب الأداء المحبط والنتائج المخيبة لهذه المعارضات، وبسبب الانتكاسات أو الحروب والفوضى التي انتهت إليها الأمور. فالانطباع السائد الآن أن أحزاب وفئات المعارضة، في ضعفها وشتاتها وانغماسها في مصالحها وفي أحلام السلطة، انعزلت عن الناس وانفصلت عن همومهم، وبالتالي لم تعد قادرة على إقناعهم بأهليتها للحكم كبديل أفضل من الأنظمة التي تعارضها. يكفي للتدليل على ذلك أن الناس يترحمون اليوم على الماضي، ويحنون إلى عهود أنظمة أطاحوا بها، بينما تسود نغمة الخوف من أن التغيير قد يعني الفوضى والحروب”.
رويداً رويداً تصبح الصورة أكثر وضوحاً؛ بعد تصريح كوادر المحظورة الهاربة حول مرشح بعينه، ثم الادعاءات الكاذبة التي تضمنها بيان البرلمان الأوروبي حول الانتخابات الرئاسية؛ أصبحنا على يقين تام بمن يدعم من ولماذا، ورغم ذلك لا يزال البعض يحاول فرض أجندة معينة على الناخب المصري، والذي أثبت منذ يونيو 2013 أنه أكثر وعيا وإدراكا لواقع التحديات داخليا وخارجيا.
والأمر بسيط عزيزي المعارض؛ إذا كنت تنادي بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والاختيار، دعني أرى ذلك في مسلكك السياسي والانتخابي، واتركني أؤيد من أشاء واختار بحرية تامة دون فرض أو وصاية أو توجيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.