رامي جلال يكتب | الثالث والرابع والخامس

0

الأرقام عالم واسع. وألاحظ أنه في معظم الموضوعات التي تتحدث عن “سبع وصايا لفلان” أو “عشرة أسباب لكذا” أو “مائة معلومة عن كيِت” عادة ما تكون النقاط الأخيرة حشوًا ولغوًا هدفه الوصول إلى الرقم الذي تم وعد القارئ به في العنوان، ولذلك لا أعرف لماذا لا أقرأ عناوين من العينات السابقة ولكن بأرقام مثل “أربعة عشر” أو “ثلاثة وأربعين” أو “إثنين وتسعين” وهكذا. ومن الأمور الأخرى اللافتة لنظري استخدامنا لأرقام كثيرة، لها ظهير ثقافي ومعلوماتي، لا نهتم به حين نرددها مثل “العالم الثالث”، و”السلطة الرابعة”، و”الطابور الخامس” وغيرها.
العالم الثالث ببساطة هو مجموعة الدول التي يُطلق عليها الآن “الدول النامية” وهي تلك الدول التي لا تنتمي للعالمين الأول والثاني. و”العالم الأول” هو مجموعة الدول الرأسمالية التي تحالفت مع الولايات المتحدة أثناء الحرب الباردة (حاليًا دول المتقدمة). أما “العالم الثاني” فهي على النقيض؛ مجموعة الدول المعبرة عن المعسكر الشيوعي (حاليًا دول بين الفقر والرخاء).
أما مصطلح “السلطة الرابعة” فتشير إلى وسائل الإعلام بشكل عام، والصحافة بشكل خاص. والسلطات الثلاث الأخرى قُصد بها في البداية التقسيم الطبقي الثلاثي للمجتمع، ولكنه الآن يُشير إلى السلطات الثلاث في أنظمة الحكم: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
رقم “أربعة” آخر له شهرة كبيرة وهو “رابع المستحيلات”، ونعبر به عن الأمور غير ممكنة الحدوث. أما المستحيلات الثلاثة الأخرى فقد وضعها أجدادنا العرب وهم: العنقاء والغول والخِل الوفي، ووضع الصديق الوفي كأحد المستحيلات هو مثار استغراب، ولكن هذا موضوع آخر.
مازال الرقم أربعة يشغلنا بمصطلح “حروب الجيل الرابع”، ويُقصد بها الحرب التي يكون طرفيها جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة أو ميليشيا، أما الاجيال الثلاثة السابقة فهي الجيل الأول ويُقصد به الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين. والجيل الثاني فهو المعروف بحرب العصابات والتي استخدم فيها أسلحة ثقيلة متطورة كأسلحة الجيوش. وحروب الجيل الثالث هي الحروب الوقائية أو الاستباقية.
أما مصطلح “الطابور الخامس” فيُقصد به الجواسيس، وقد نشأ أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، حيث كانت أحد جيوش الثوار تحاول غزو مدينة “مدريد”، وكان الجيش يتكون من أربعة طوابير، وقال قائدهم إن لهم طابورًا خامسًا من العملاء يساعدهم داخل مدريد. أما مصطلح “الفن السابع” فهو يُطلق على فن السينما، والفنون الستة الأخرى هي بالترتيب النحت، والرسم، والتمثيل، والموسيقى، والرقص، والشعر.
إذا كان لبعض الأرقام ظهيرًا ثقافيًا، فهذا أمر يتكرر مع عدد من الألوان أيضًا، لكن هذا موضوع آخر. ألقاكم في “المقال الثاني”، وهو مصطلح أقصد به ببساطة “المقال التالي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.