سامي جعفر يكتب | الاطمئنان لإيران

0 263

لا مبرر لحالة التفاؤل المفرط بشأن اتفاق التقارب بين السعودية وإيران برعاية الصين، إذ أن سوابق طهران تدعو للحذر كما أن الخطوات التي اتخذتها الأخيرة عقب الاتفاق لا تدعو لتفاؤل كبير لأن السياسة الإيرانية لم تشهد تحولا بعد بشأن التدخل في شؤون الدول العربية بداية من اليمن إلى سوريا مرورا بلبنان.
التاريخ يعطي جرس إنذار واضح إذ زعمت إيران في عام 2007 بالرغبة في التقارب مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر وزار الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي الرياض والقاهرة، ثم اكتشفت الدولتان فيما بعد أن الأمر كان خدعة استراتيجية بعدها تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة باستخدام الميليشيات التي أسسها الحرس الثوري الإيراني، والذي كان يستهدف القاهرة بخلايا تجسس وتخريب بوتيرة متصاعدة مع مرور السنوات كما وثق علاقاته بتنظيمات سنية مثل الإخوان بفروعها في مصر وفلسطين.
قد يقول قائل إن الظروف الدولية تغيرت مع اندلاع حرب أوكرانيا لكن إيران نفسها لم تتغير ولم تعلن عن تغيير استراتيجيتها القائمة على تصدير الثورة بما يتضمن التوغل القائم في دول المنطقة وتأسيس جماعات حليفة تعمل على زعزعة استقرار الدول وتقسيمها.
الواقع يؤكد أن النظام الإيراني أثبت قدرته على مدار الخمسين عامًا الماضية على التعايش وسط جميع المتغيرات الاستراتيجية في العالم بداية من سقوط الاتحاد السوفيتي حتى المحاولات الحالية لتأسيس نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وفي الحالتين استطاع نظام طهران تحقيق مكاسب استراتيجية بداية من الاتفاق الضمني مع الولايات المتحدة على تحويل العراق لدولة فاشلة وإضعاف برامج التنمية في الدول العربية بإشعال التوتر في المنطقة.
كما استطاع النظام الإيراني عقد صفقات مع الولايات المتحدة في غيبة دول المنطقة الأولى في عام 2009 المعروفة بالاتفاق النووي والذي منح إيران نحو 50 مليار دولار بجانب غض الطرف عن برنامجها النووي رغم أن الاتفاق هدفه منع إيران من الحصول على القنبلة النووية وأخيرا اتفق الطرفان “واشنطن وطهران” على تبادل سجناء والإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة وهو ما يعطي طهران مزيدا من القوة وقبل هذا وذاك دعمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي النظام الإيراني بالصمت عن الانتفاضة الشعبية التي عمت جميع مدن إيران.
وأغلب الظن أن مزاعم إيران بالتقارب مع الدول العربية تخفي رغبة في استراحة استراتيجية لو جاز التعبير ترتب فيها إيران عدة ملفات لن تؤدي لحل أي ملف من الملفات العالقة بينها وبين الدول العربية، وخلال هذه الفترة ستتوصل إيران لاتفاق جديد من الولايات المتحدة يجعلها أقرب لامتلاك سلاح نووي وفرض أمر واقع على دول المنطقة وهو ما يفيد الولايات المتحدة التي تريد الضغط على الدول العربية التي تسهم في بزوغ نظام عالمي متعدد الأقطاب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.