سيف عصام يكتب | أمريكا والصين قيادة مشتركة

0 187

مر علي العالم العديد من الإمبراطوريات التي حكمت أجزاء كبيرة من العالم فمن روما ومملكة هان في الصين الي القوي الأوروبية الاستعمارية، كان القاسم المشترك بينهما أنه لم تستطيع اي قوة منهم السيطرة علي العالم بمفردها، حيث كانت الإمبراطوريات في العصور القديمة والوسطي تتخذ شكلا إقليميا مهيمنا، باستثناء الإمبراطورية المغولية كانت الي حد ما تمثل نموذج محاكاة لقوة ذات نفوذ عالمي، ثم بعد سقوطها بدأ ظهور قوي اخري في غرب أوروبا قادرة لأول مرة من إيصال قوتها البحرية لأماكن بعيدة في العالم ،حتي أصبحت أوروبا المركز المالي والاقتصادي والسياسي والحضاري في العالم، لكن ظهر في القرن العشرين قوة غير اوراسية (أوروبا وآسيا) وهي الولايات المتحدة الامريكية.
تعتبر امريكا قوة فريدة من نوعها، فهي الدولة الوحيدة في التاريخ المسجل التي أصبحت القوة العالمية الاولي والوحيدة، ففي نهاية القرن العشرين وبعد حرب باردة استمرت اكثر من ٤٠ عاما ضد الاتحاد السوفيتي، فرضت امريكا سلطتها علي العالم بمفردها، لكن لم تستمر هذه السيطرة طويلا، حيث حدثت العديد من الاحداث في العقد الأول من القرن ٢١م، مثل غزو أفغانستان والعراق وتأسيس الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو والأزمة الاقتصادية العالمية ٢٠٠٨م ،كان لكل حدث من هذه الأحداث أثر علي النفوذ العالمي لأمريكا.
لكن كان يوجد لاعب آخر يتحرك بحكمة وهدوء وهو بالتأكيد الصين، التي استطاعت تحقيق تنمية اقتصادية شاملة بدايتها من إصلاحات الزعيم الصيني دينج شياو بينج الي الزعيم الصيني هو جينتاو مرور بالزعيم الحالي شي صاحب مبادرة الحزام والطريق، مما جعلها قوة صاعدة لا يستهان بها في المسرح الدولي.
وهذا لا يعني أن الصراع بين الدولتين امر حتمي، لكن تسعي الصين وامريكا الي تحويل الصراع بينهم الي خلافات يمكن إداراتها ، لأن البلدين بينهما تبادل تجاري هو الأكبر بقيمة ٦٩٠ مليار دولار عام ٢٠٢٢، وهذا يعكس السعي لإدارة الأزمات بدلا من القطيعة.
أكدت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الصينية، ماو نينج، ان الرئيس الصيني سيتوجه الي امريكا لحضور قمة امريكية – صينية مشتركة، بالإضافة الي حضور اجتماع منتدي التعاون الاقتصادي اسيا المحيط الهادي، وذلك لعقد مباحثات بخصوص القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية والشاملة والأساسية في تشكيل العلاقات الصينية-الأمريكية.
خلال ذلك الاجتماع اتفقا الرئيسان علي استئناف المحادثات العسكرية رفيعة المستوي، وتم الاتفاق أيضا علي تعزيز خطوط الاتصال المفتوحة وإدارة المنافسة بشكل مسئول حتي لا تنحرف الي الصراع، وعبر شي عن رغبته في الحوار قائلا أنه ((لا يمكن لدولتين كبار مثل الولايات المتحدة والصين ان تدير كل منهما ظهرها للاخري … النزاع والمواجهة لها عواقب لا تطاق.)) واشار بايدن الي علاقته الشخصية مع شي، وشدد علي رغبة الولايات المتحدة في العمل مع الصين في ملفات عدة مثل التغير المناخي وتجارة المخدرات والذكاء الاصطناعي.
لا يمكن اعتبار العلاقات الأمريكية الصينية شأن ثنائي بين دولتين، لأنهما يوثران علي القضايا الإقليمية والدولية ،وفي وسط هذه المشاكل العالمية لم تعد الضغوط السياسية والاقتصادية بين البلدين تجدي نفعا، لا شك أن العقوبات الامريكية علي الصين أضرت باقتصادها ، لكن سينتقل هذا الضرر في وقت لاحق الي امريكا وأوروبا والعالم، لذلك هناك مصلحة دولية في تقارب الدولتين وتجنب الصراع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.