عبد الغنى الحايس يكتب | الجنرال الذهبي

0 230

تحتفل القوات المسلحة كل عام يوم 9 مارس بذكرى يوم الشهيد، وتم اختيار اليوم بعد حرب اكتوبر العظيمة، وهو يوم استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض فى الخطوط الأمامية للمعركة ووسط ضباطه وجنوده.
وُلد رياض بقرية سبرباى احد قرى محافظة الغربية عام 1919، كان والده قائم مقام، تخرج على يد والده الكثير من ضباط القوات المسلحة.
وكانت بدايتة فى كتاب القرية ككل أبناء القرى المصرية آنذاك، وعندما تخرج من الثانوية العامة دخل كلية الطب، بناء على رغبة أسرته، وضد رغبته، ودرس بها عامان، ولكن لم يستطيع ان يستمر بها وتقدم للإلتحاق بالكلية الحربية، وتخرج منها برتبه ملازم ثان عام 1938.
كان رياض متفوقا وذكيا فحصل على درجة الماجستير فى العلوم العسكرية وكان دائما الأول على دفعته.
وذهب فى بعثات عديدة الى انجلتر والاتحاد السوفيتى، وكان يجيد عدة لغات منها الانجليزية والفرنسية، والألمانية التى تعلمها فى وقت قصير جدا، والروسية والتى كان يجيد التنكيت بها كانه عاش حياتة فى الاتحاد السوفيتى وهناك لقبوه بالجنرال الذهبى .
اشترك فى الحرب العالمية الثانية كضابط مدفعية، واشترك فى حرب فلسطين 1948 التى منح فيها وسام الجدارة الذهبى لبراعته العسكرية .
تولى عام 1951 قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات،كما شارك فى حرب 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر، واستمر فى التقدم والترقى حتى تم اختيارة 1961 نائبا لرئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة ومستشار لشئون الدفاع الجوى لقيادة القوات الجوية،وفى عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة، وحينما اندلعت حرب 1967 كان قائد عاما للجبهة الأردنية، واثناء تواجده بالأردن رصدت الردارات سرب من الطائرات الاسرائيلية تخترق السماء فى اتجاها الى مصر وطلب من القيادة السورية وقتها تحريك طائراتها لضرب الممرات الاسرائيلية ولكن دون جدوى .
وعاد 11 يونيو 1967 رئيسا للعمليات للقوات المسلحة المصرية، ومعه الفريق محمد فوزى وزيرا للدفاع، ليبدئا معا اعاده بناء القوات المسلحة لاستعاده ما فقدنا فى هزيمة 1967 القاسية على نفوس العسكريين قبل جموع المصريين.
وتبدأ حرب الإستنزاف سريعا بعد نكسه يونيو، التى كلفت العدو خسائر فادحة فى الأرواح والعتاد، بمعركة رأس العش، كذلك تم تدمير المدمرة الإسرائيلة ايلات، وقيام المخابرات المصرية بعملية تدمير الحفار الاسرائيلى فى قلب المحيط، و قامت قواتنا الخاصة بالكثير من العمليات خلف خطوط العدو، بقيادة مصريين شجعان أبطال لم يهابو الموت وبذلوا أرواحهم فى سبيل كرامة وطنهم، واستعاده أرضهم المسلوبة.
وقد خطط رياض لتدمير خط بارليف ذلك الخط الحصين التى كانت تتباهى به اسرائيل وقد حدد يوم 8 مارس لبدأ تنفيذ العملية، وقد بدأت نيران المصريين تدك الحصن حتى تكبد العدو خسائر فادحة وتم تدمير جزء من خط بارليف.
وهنا ادرك الجنرال انه لابد من استطلاع الأمر بنفسه، وفاجأ ضباطه وجنوده بزياتهم فى المواقع الأمامية للمعركة، واختار أقرب نقطة للعدو وكانت على بعد 250 متر فى الموقع 6 أكثر المواقع تقدما واصابة للعدو، وأدرك العدو ان هناك شخصية مهمة فى المواقع، فوجة نيرانة بكثافة على تلك النقطة، واستمرت المعركة يقودها بنفسة حتى انفجرت احدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة البرميلية التى يقود منها معركته الأخيرة لتصيبة أحد شظاياها ويستشهد رياض متأثرا باصابتة .
وعقب الاستشهاد نعاه الرئيس جمال عبدالناصر وتم ترقيتة الى فريق أول، ومنحة وسام نجمة الشرف العسكرية، أعلى وسام فى العسكرية المصرية، كما نال كثير من الأوسمة والتقدير أثناء حياته .
وكانت جنازة رياض كبيرة ومهيبة اخترقت ميدان التحرير من جامع عمر مكرم ، حيث تقدمها جمال عبدالناصر، وتحدى رجال حراسته، وذاب وسط الجامهير، ومعة الألاف من الشعب المصرى تهتف (رياض مامتش والحرب لسة مانتهتش )، وتكاتف الشعب مع قواته المسلحة على ضرورة الثأر، الذى جاء سريعا لجنرالة الذهبى ودمر نفس النقطة التى اندلعت منها النيران، وقضى على كل من فيها من جنود العدو.
ونفض الجيش أثار الهزيمة وكانت معركة راس العش وما تلاخها من معارك أرهقت العدو،حتى كان العبور العظيم.
ويذكر خالد جمال عبدالناصر تلك الواقعة ويقول (كانت صدمة عبدالناصر باستشهاد رياض صاعقة، وكان ثقتةفى الكفائة العسكرية لرياض بلا حدود ، ولكنه شعر بالفخر لإستشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة على جبهة القتال) .
وتم اختيار يوم 9 مارس (يوم استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض) ليكون يوم الشهيد احتفاءا بذكراه وتحية لكل شهيد مصرى.
لقد كان الفريق رياض خير قدوه لضباطه وجنوده، وخير مثال يحتذى به فى العسكريه اخلاصا وانضباطا، وعلما، فقد انتسب رياض الى كلية التجارة لدراسة الإقتصاد، والى كلية العلوم لدراسة الرياضة البحته، ايمانا بدور العلم واستمرار التعلم مهما كانت رتبتك العسكرية، كما اتم دراسته بأكاديمة ناصر العسكرية، والحصول على زمالة كلية الحرب العليا عام 1966.
وفى ذكرى رحيله نحتفى بكل شهدائنا، من قدموا الغالى والنفيس، ولم يبخلوا بأرواحهم ودمائهم فداء للوطن، فنقف لحظة صمت اجلال وتوقيرا، وتقديرا لماقدموه للوطن ، فكل التحية لأرواحهم الطاهرة وكل الإعتزاز لتراب الوطن الذى رواه دمائهم ونعاهدهم على ان نكون للوطن درعا وسيف ويدا تبنى ويدا تحمل السلاح .
ولكل الأجيال الحالية واللاحقة ان تفتخر بجيشها درعها، وسيفها، حامي امنها الخارجى ، وشرطتها حامية أمنها الداخلى، على كل ما يقدمونه فى سبيل أمن الوطن ومواطنيه.
وتحية لكل شهداء الوطن والمجد لأرواحهم الطاهرة.
عاشت مصر أبية قوية ناهضة وتحيا تحيا مصر

* عبدالغنى الحايس، نائب رئيس حزب العدل للاتصال السياسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.