عمرو نبيل يكتب | سياسات لا شعارات.. توجهات لا شخصيات

0 472

لا صوت الآن يعلو فوق صوت المعركة السياسية، معركة الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي بدأت في سحب البساط السياسي تدريجياً من تحت أقدام الحوار الوطني، خاصةً بعدما عقد مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات اجتماعه الأول، وقرر بلورة استراتيجية واضحة لإدارة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتكليف الجهاز التنفيذي بتلافى أية مشاكل سابقة، وتوعية الناخبين بأهمية المشاركة الفاعلة، والاستفادة من التطور التكنولوجي.
تأتي الانتخابات الرئاسية القادمة في أجواء سياسية غير مسبوقة، حيث يواجه الوطن تحديات داخلية وتحولات إقليمية وعالمية، ويمر بلحظة تاريخية تتطلب أعلى درجات النضج السياسي والمسئولية الوطنية، فبعدما نجحت الدولة المصرية في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية الداخلية، تسعى الآن لمواجهة التحديات الأمنية الخارجية خاصة الجنوبية منها، فضلاً عن التحديات الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي بدأت جهودها في هذا الإطار بإلغاء الحوار الوطني للخطوط السياسية الحمراء، وبلورة 113 قضية ذات أولوية وطنية.
بالتالي فالانتخابات الرئاسية القادمة هي انتخابات “سياسات” لا “شعارات”، فالشعارات قد رفعها الشعب، الذي لا صوت يعلو فوق صوته، عندما أعلنها محددة ومدوية: “عيش”، “حرية”، “عدالة اجتماعية”، “كرامة إنسانية”، وهنا بات على المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية القادمة ترجمة شعارات هذا الشعب لسياسات واقعية نتائجها مرتبطة بتوقيت الفترة الرئاسية الدستوري، خاصةً بعدما رفعت الأزمة الاقتصادية الحالية من الوعي الشعبي العام بالسياسات النقدية، والمالية العامة، وأهمية الإنتاجية، والصناعة، والتصدير، والمشروعات الصغيرة، والاستفادة من المواد الخام، والإصلاح الإداري، واللامركزية، والصحة، والتعلم وغيرها من ملفات الدولة الإصلاحية المحورية.
قضية قيام المنافسة الانتخابية الرئاسية على سياسات ستمثل نقلة نوعية للحياة السياسية المصرية، فهي تتطلب أحزاب قوية تدعم المرشح الرئاسي، ليس فقط بوضع برنامج انتخابي يتضمن السياسات الإصلاحية وإنما أيضاً بفريق عمل متخصص من مرشحي الحزب البرلمانيين الذين يتبنون ذات السياسات، وأيضاً مرشحي الحزب للمحليات الذين يعملون على تسويق هذه السياسات بين الناخبين، وقد شهدت الأيام الماضية تحولاً سياسياً في هذا الاتجاه، حيث أن معظم من أعلنوا نيتهم للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة هم رؤساء أحزاب ممثلة برلمانياً، وهو أمر إيجابي على المستوى المنظور والبعيد.
غير أنه على المستوى القريب سيتطلب مراعاة ثقافة المواطن المصري الانتخابية، الذي يرتبط بشخص المرشح لا بحزبه وسياساته، وهو الأمر الذي سيتطلب من الحملات الانتخابية، والأحزاب السياسية، والقوى المجتمعية والنقابية، ووسائل الإعلام العمل على تغيير هذه الثقافة الانتخابية نحو التحول من التركيز على الشخصيات فحسب إلى التركيز كذلك على الأحزاب والتوجهات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.