محمد رأفت أبو المعاطي يكتب | الممارسة السياسية .. الحاضر والمستقبل

0 677

عرفت مصر المجالس النيابية منذ وقت بعيد يعود إلي النصف الثاني من القرن التاسع عشر وكانت لها قدم السبق في محيطها الإقليمي بل والقاري، وطورت تجربتها السياسية وفي القلب منها مجالسها النيابية المعبرة عن قواعد جماهيرية بحسب تغير نظام الحكم وإزدياد الحاجة إلي تمثيل يعبر عن كافة الطبقات الإجتماعية والأيدولوجيات السياسية التي بدأت مع نشأت الحياة الحزبية في مطلع القرن العشرين، ووضعت أسساً للنظام الإنتخابي ما لبث ان تغير مع كل ظرف تاريخي ومنعطفٍ سياسي، لذلك كان الأجدر ان نوضح ماهية النظم الإنتخابية ومصر تفتح الأفاق لحوارٍ وطني جامع يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ العمل الوطني.
فالنظم الانتخابية هي مجموعة من القواعد التي تحكم العملية الانتخابية فى طريقة أختيار المجالس النيابية و المحلية كذلك أوجه عملية التصويت و كيفية حساب أصوات الناخبين و تتنوع الأنظمة الانتخابية بين النظام التعددي و نظام الاغلبية و النظام النسبي و نظام القائمة المطلقة. فالنظام التعددي أو الفردى يسمح بفوز المرشح الذى حصل على أكبر عدد من الأصوات دون الحاجه للحصول على أغلبية الاصوات و يعد هذا النظام من أكثر الانظمة شيوعاً فى أختيار المجالس التشريعية فى ٥٨ دولة تقريباً حول العالم.
أما نظام الاغلبية فيتطلب حصول المرشح على أغلبية أصوات الناخبين و ينقسم النظام الي شكلين رئيسيين الأول يستخدم من جولة واحدة و الآخر من جولتين أو أكثر. أما بالنسبة للنظام النسبي يقوم فيه الناخبين بالتصويت للقوائم الحزبية و تضم القائمة عدد معين من المرشحين بالترتيب المسلسل و يتم احتساب الأصوات بمعادلة حسابية حيث تنقسم أصوات الناخبين على عدد مقاعد الدائرة فعلى سبيل المثال اذا كانت مقاعد الدائرة ١٠ مقاعد و اصوات الناخبين ٢٠،٠٠٠ صوت نقسم ال ٢٠،٠٠٠ صوت على ١٠ مقاعد و بذلك تكون حصة المقعد ب ٢٠٠٠ صوت انتخابى فاذا حصلت القائمة الاولى على ٦٠٠٠ صوت يفوز أول ٣ مرشحين فى الترتيب التسلسلي للقائمة و قائمة منافسة اخرى حصلت على ٢٠٠٠ صوت فيفوز رأس القائمة فقط وهكذا حتى اكتمال ١٠ مقاعد الدائرة و يعد هذا النظام من الأنظمة المطبقة فى عدة دول منها ايطاليا و تركيا و لكن يبقي النظام النسبي يحمل معه العديد من السلبيات منها فعندما يكون عدد الأحزاب كبير داخل الدولة فان التمثيل لهم فى البرلمان قد يؤدى الى عدم استقرار سياسي و صعوبة تكوين اغلبية برلمانية تساهم فى تسهيل عملية الرقابة والتشريع وممارسة الدور الرئيسي للمجلس كذلك يجعل الاحزاب تضع رموزها على رأس القائمة لتضمن نجاحهم كذلك لا يعبر هذا النظام بالضرورة عن التمثيل الجغرافى للناخبين.
أخيرًا نجد نظام القائمة المطلقة وهو نظام يمكن لحزب أو مجموعة أحزاب تكوين تحالف وتشكيل قائمة انتخابية تضم مجموعة مرشحين من الأحزاب المختلفة و تتنافس القوائم فى هذه الانتخابات للحصول على أكبر قدر من أصوات الناخبين و عند حصول قائمة منهم على أكثر الاصوات يفوز جميع مرشحين هذه القائمة ومن سلبيات هذا النظام على سبيل المثال أن الناخب قد يكون غير راضي عن اختيار واحد من المرشحين بالقائمة و لكن حال اختياره القائمة و فوزها سيفوز هذا المرشح بالتبعية.
نجد أيضاً أن هناك النظام المختلط و هو مزيج من كافة الانظمة السابقة، وفى كل الأحوال لا يوجد فى علم السياسة نظام انتخابي نموذجى و لكن عند أختيار النظام الانتخابي للدولة يجب أن نضع فى الاعتبار الظروف الدستورية و السياسية و الجغرافية للدولة كذلك ثقافة المواطن الراسخة، فنجد فى مصر أن المواطن أرتبط بالنظام الانتخابي على أساس فردى و علاقة الناخب المباشرة مع المرشح كذلك قد أقر الدستور المصرى تميزًا ايجابيًا لسبع فئات منها الشباب و المرأة و ذوى الهمم والاقباط ولذلك فأن النظام الانتخابي الافضل لتحقيق هذه النسب هو القائمة المطلقة المغلقة والفردي حتي نخرج بمجلس مستقر متجانس بعيداً عن الدخول فى شبهات دستورية فيمكن أن نتحدث عن إعادة تقسيم الدوائر سواء فى المقاعد الفردية أو حتى فى القائمة المطلقة حتي نكون امام نظام انتخابي متوازن ومناسب للمجتمع المصرى و يلبي رغبة المواطن في اختيار ممثليه داخل البرلمان بغرفتيه النواب و الشيوخ و المجالس المحلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.