محمد ناجح يكتب | الضيوف الأعزاء .. والأمن القومي

0 4,780

انطلاقًا من عمق مصر التاريخى تجاه ما تمر به المنطقة العربية والأفريقية من أزمات داخلية تعصف بالأمن الداخلى، الأمر الذى قد يؤدى إلى تصدير الخلل الأمنى إلى الدول المجاورة، وامتدادا إلى عمق مصر الأفريقى تجاه ما يمر به السودان في الوقت الراهن من نزاع مسلح بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، الذى ينذر بكارثة إنسانية جديدة ليس فقط للسكان المحليين الذين يتجاوز عددهم 46 مليون نسمة، وإنما يمتد ليطال أكثر من 1.1 مليون لاجئ يتمركز معظمهم في محافظتى الخرطوم والنيل الأبيض، ويعد تعليق الأمم المتحدة عدد من البرامج الإنسانية في السودان تجاوز عددها 250 برنامجا بسبب القتال وانعدام الأمن، الأمر الذى يعد مؤشرا رئيسيا على أن الأوضاع في طريقها نحو مزيد من التعقيد، ويعد أيضا ضغطا على المستفيدين من تلك البرامج ودافعا لهم للنزوح خارج بؤرة الصراع، سواء إلى ولايات سودانية أكثر أمانا أو إلى حدود دول الجوار.
وعلى الجانب الآخر يحظى القتال الدائر في السودان بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع باهتمام إقليمى ودولى منذ اندلاعه في الخامس عشر من إبريل، لا سيما أنه يهدد أمن واستقرار المنطقة. ويظهر في الأفق أن مصر تأخذ على عاتقها تبعات وتداعيات هذا القتال الداخلى.
حيث إن لمصر مصلحة طويلة الأمد في استقرار السودان، بالنظر إلى الحدود المشتركة بين البلدين والأهمية الاستراتيجية لنهر النيل، انطلقت مصر بدورها الريادى بنشاط مكثف في الوساطة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، ومخاطبة الطرفين لاحتواء الأزمة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات، ويعد الدافع الأساسى لمصر هو منع اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق في السودان، ما قد يؤدى إلى تدفق اللاجئين ويؤثر سلبا على الأمن المائى لمصر.
وإذا ما طال أمد الاشتباكات في السودان واتسع نطاقها فإن ذلك سيؤثر أيضا على الشراكة التجارية بين البلدين، خاصة أن جزءا مقدرا من صادرات السودان الزراعية والحيوانية يصل إلى الأسواق المصرية ومنها ما يعاد تصديره إلى دول أخرى في ظل العقوبات المفروضة على السودان.
ويأتى تدارك الأمر من قبل القيادة السياسية في مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتأكيده أن الأمن القومى لمصر خط أحمر، تم تشيكل غرفة عمليات بقيادته مكونة من وزارات الدفاع والأمن والهجرة والخارجية.
ويعد عدم الاستقرار السياسى في السودان كونه له آثار اقتصادية وسياسية غير إيجابية على مصر، ففى حالة حدوث أزمات واقتتال داخلى في السودان فإنه سيترتب على ذلك حدوث نزوح جماعى للاجئين الفارين من الحرب تجاه دول الجوار، ومن بينها مصر.
ونحن نعلم أن هؤلاء اللاجئين قد يشكلون عبئا على مصر سواء في النواحى الاقتصادية، أو حتى الأمنية، وكذا قد يؤثر على إمكانية زيادة حصة مصر من مياه النيل مستقبلا، فمصر تشهد حاليا حالة من الندرة المائية أدى إليها تزايد عدد السكان مع ثبات كمية المياه الواردة إلى مصر منذ اتفاقية 1959.
وفى النهاية نؤكد أن السودان يعد بوابة العبور المصرية تجاه القارة الأفريقية، خاصة دول حوض النيل، أى أن المساس بالاستقرار في السودان هو مساس بالأمن القومى المصري، ومن ثم فإن مصر ترغب دائما في البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزئته إلى أقاليم فرعية، كما ترحب مصر قيادة وشعبا بالضيوف الأعزاء في بلدهم الثانى مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.