محمد نبيل المصري يكتب | لماذا خانوا مصر؟

0 208

ما الذي يدفع الشخص إلى الاستيقاظ يوما ما ويقرر المخاطرة بحياته كلها وحياة أسرته ويتعرض للنقد الاجتماعي بعد خيانة بلده؟
تم تصوير العميل وتقديم الجاسوس بشكل جاهزا على استعداد لخيانة بلاده في الافلام دون العمق النفسي والخلفية الضرورية لشرح سلوكهم.
فالعميل او الجاسوس ربما تجده في اي مكان حولك.
فالجاسوس ليس لديه يد خفية او عينا ثالثة !
آمل أن أسلط الضوء على بعض العوامل النفسية الكامنة وراء العملية واستقراء قرار الفرد بالتجسس واستكشافه.
أولا ، دعونا نبدأ مع كلمة ستسهل علينا تذكر كل شيء وهي mice او دعنا نسميها نظرية الفئران.
Money
Ideology
Coercion/compromise
Ego
يتكون هذا الاختصار من أربع كلمات-المال والأيديولوجية والضغط النفسي والتلاعب بالأنا.
قدم النظرية لاول مرة ستانيسلاف ليفتشينكو ووضح بأن هذه العوامل الأربعة هي الدوافع الأساسية التي تدفع شخصا ما إلى ارتكاب التجسس.
يمكن اعتبارها أربع رافعات مختلفة يمكن دفعها في أوقات مختلفة وبكثافة متفاوتة.
يمكن استخدام هذه العوامل في التجنيد الأولي للمصدر ثم التلاعب بها بدرجات مختلفة للحفاظ على المصدر نشطا ، أي على استعداد لتقديم المعلومات.
قد يكون من المفيد التفكير في كوب يمكن ملؤه بمقادير مختلفة من السوائل المختلفة.
يمكن سكب هذه السوائل في الزجاج في أوقات مختلفة ، وبالتالي إنشاء مجموعات فردية من العوامل النفسية المختلفة التي تؤدي إلى قرار التجسس.

المال: من بين الأربعة، ربما يكون المال هو الأكثر بساطة وسهولة في الفهم. فالقنوات التي تحارب الدولة المصرية وتدعم الاعداء في مواجهة الجيش المصري كلها قنوات ممولة من اجهزة دولية ولا تعتمد علي التبرعات مثلا من المشاهدين ولكن تخدم اجندة مؤسسات بعينها.
الفرضية بسيطة: يجمع المرء المعلومات الاستخبارتية أو يمرر المعلومات إلى جهاز استخبارات وفي المقابل يكافأ ماديا بشيء ذي قيمة مالية ، وخاصة المال او يدعم خطة جهاز ما في منطقة ما عن طريق الاعلام او المنصات الاليكترونية او اي وسيلة اخري.
قد يتم تمويل شخصا ما دون ان يدري من جهاز مخابرات يعمل تحت ستار منظمة خيرية او جمعية غير هادفة للربح لدعم بعض الاشخاص الذين يحققون خطة ذلك الجهاز.
يمكن أن يكون شخصا يشعر بالسخط و بأنه مقوم بأقل من قيمته و وجد نفسه تحت وطأة مشاكل عديدة و ويشعر بانه محاصر بسبب الصعوبات المالية.
وهنا يتم استقطاب ضعاف النفوس والتلاعب بهم وهذا ما حدث مع كثير من ابناء التيارات الارهابية حيث الاستغلال الاقتصادي للجماهير و الضغط عليهم لانتخاب تيارات اسلامية وبعد ذلك الضغط عليهم للانضمام للجماعات مقابل توفير بعض اساسيات الحياة ومرتبات شهرية.
الأيديولوجيا: غالبا ما تكون الأيديولوجية واحدة من أقوى المحفزات للتجسس ، إلى الحد الذي يمكن أن يكون له أفضل النتائج ، إذا تم تسخيره بنجاح.
أولئك الذين يتجسسون لأسباب أيديولوجية غالبا ما يكونون متحمسين للغاية و يعتقدون أنهم يتصرفون بهدف أخلاقي أعلى مثل الشباب المنضمين لداعش والاخوان المسلمين وكلهم فخر بأنهم يحققون العدل وكلمة الله في الارض ولديهم اعتقاد انهم يطبقون الشرع و يمهدون لعودة الخلافة.
فكرة خدمة دولة الخلافة من خلال التعاون مع تركيا مثلا ، تعتبر فكرة جذبت الاف الشباب المندفع الذي لم ينتبه لألعاب السياسة القذرة
وبالمثل ، غالبا ما تتطوع هذه المصادر لمعاداة بلادهم . غالبا ما يكون أولئك الذين يرتكبون التجسس بدوافع أيديولوجية أكثر الأمثلة نجاحا التي يمكن للمرء أن يجدها للتجسس الفعال.
الأيديولوجية هي حافز قوي لأنها غالبا ما تكون مدفوعة داخليا وليست ذات دوافع خارجية.
إنهم يقدمون معلومات تستند إلى قناعات أخلاقية ، وبالتالي فإن جودة المعلومات أكثر جدارة بالثقة ، بسبب عدم وجود دوافع خفية على عكس تلك التي يحفزها المال.
يعتقد البعض أن العناصر التي لها دوافع أيديولوجية كسبب رئيسي لتجسسها غالبا ما تكون من بين الأصول الأكثر قيمة ونجاحا.

الضغط النفسي واستغلال الفضائح: استخدام الابتزاز او التهديد بالفضح او تذكرة الشخص بالمعروف الذي قدمناه له سابقا.
والجماعات الارهابية تقدم العطاء لبعض ابنائها لربطهم بالجماعة وتطلع علي اسرارهم لاستغلاها ضدهم لاحقا او محاولة ايذاء عائلاتهم لو حاولوا الهروب
ربما تكون هذه هي الطريقة الأكثر مخادعة لتحفيز المصدر

الأنا والاثارة:هناك من يحب المعارضة من اجل المعارضة وليشعر بانه لا يسبح مع التيار و ليشعر نفسه بالذكاء وليظهر في حلة المثقفين المتمردين الاحرار.
هناك من يبحثون عن السلطة او الشهرة فتمنحهم تلك المؤسسات الاستخباراتية القوة.
إذا كانوا يسعون للانتقام او الاستمتاع باجواء الاثارة ، فامنحهم فرصة المغامرة و الانتقام من ضابط شرطة ربما ضايقهم في الماضي او استاذا جامعيا فاسدا دمر مستقبلهم التعليمي.
إذا كانوا يبحثون عن المجد ، فامنحهم المجد.
امنحهم التقدير وتزويدهم بالشعور بالانتماء والوفاء وعائلة ثانية. ولذلك تجد ان حياة الارهابي تحولت الي حياة لا يوجد بها سوي الجماعة واولوياتها فتذوب هويته.
واذا حاولت نقد افكاره فسيري ذلك انك تحاول ان تمحيه فهو لم يعد شيئا يذكر بدون تلك الأفكار.
ولذلك تستقطب الجماعات الإرهابية من أدبهم فراغا روحيا وشعورا عاما بالعجز وفقدان المعني وقيمة الحياة ومن هم لديهم رغبة في الانعزال عن المجتمع لعدم قدرتهم علي التكيف معه.
تستقطب الجماعات اصحاب القلوب الطيبة ومن لديهم النية لتغيير العالم وجعله مكانا افضل.
فمن المهم أن نتذكر أن هذه الاسباب ليست شاملة أو ثابتة بأي حال من الأحوال ، وأن التركيب النفسي المعقد للفرد هو شيء لا يمكن اختزاله ببساطة إلى أربعة اسباب فقط.
بدلا من ذلك ، من المفيد النظر إلى هذه الأحرف الأربعة على أنها أربعة مواضيع مهيمنة يمكننا من خلالها البدء في تحليل المنطق النفسي والدافع وراء التجسس.

الخلاصة: عن طريق تغيير عقلية الفرد ( ايدلوجيا) او الاغراء المالي او الضغط النفسي والابتزاز يمكن لبعض الاجهزة تجنيد بعض الاشخاص لاقتراف اكبر الفظائع باسم الدين او الانسانية او الاخلاق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.