محمود عبدالحى يكتب | ثورة يوليو و محمد علي

0 332
في ذكري قيام ثورة 23يوليو عام 1952 أعتقد بأنة قد حان الوقت لإزالة التراب من فوق جدران الكتب و فتح صفحات التاريخ للبحث و التنقيب و التوضيح ، فهنا يكمن الفارق بين السياسة و التاريخ فالسياسة هي تاريخ في حالة سيولة و التاريخ هو انتهاء التكوين للسياسة بعد أن رسمت صورها النهائية و ذهب أصحابها الذين نفذوها و بالتالى أصبحت غير قابلة للتبديل أو التغير و لكنها قابلة لاعادة القراءة و التفسير ، فالتاريخ المعاصر كلما مر علية الزمن أجبرنا علي إعادة مراجعتة و تقيمة بعدما تم الكشف عن خفايا و أسرار لم تكن معلومة لتتضح الصورة الأقرب إلي حقيقة ما جري في الماضي ، فالفرق واضح و الانطباعات متباينة بين من يري الهرم من القاع و من يراه من القمة !، و لان التاريخ ليس مجرد قصص و روايات الاقدمين ولا هو مجرد ترف عقلي لنخبة تسكن الابراج العاجية تخوض بة و من أجلة معارك طواحين هواء بينها و بين بعضها دون اشتراك عامة الناس معهم ، فكان يجب التنبية إلي أن علة الحاضر و مأساتة هي خيط يبدأ من الماضي و يمتد و من الممكن أن يمتد إلي مستقبل غير معلوم ، فمهما أحضرت للمريض من نطس الاطباء مالم يكن لديهم معرفة بتاريخ المريض مع المرض لما استطاعوا علاجة و لربما أدوا إلي انتكاسة حالتة أو وفاتة .
دائما عندما ينظر أي شخص في تاريخ مصر الحديث و المعاصر و قبل أن يدقق لابد و أن يصطدم بنجمين لامعين في سماء التاريخ المصري هما :محمد علي و جمال عبدالناصر ، و بالرغم من أن الفارق الزمني بين الاثنين يزيد عن المائة عام إلا أنهما يتقاربان و يتشابهان بدرجة كبيرة تجعل الخط الواصل ما بينهما واضح ، فكلاهما حكم مصر في ظروف صعبة و ترك بصمة واضحة لن ينساها و لا ينكرها إلا جاحد ، و بالنظر إلي التجربتين و عقد مقارنة بسيطة يمكننا أن نجد ذلك جليا ، فالاوضاع التي تسلما الحكم فيها واحدة و الاهداف لم تتغير و إن لعب الزمن و التطور لعبتة في تغير الصياغات و الكلمات و العبارات ، و لكن البعض لا يري ذلك ابدا فهم ينكرون علي “عبدالناصر” ما لم يستطع أحد أن ينكرة علي “محمد علي” يوما فدائما ما يعتبر “علي”مؤسس مصر الحديثة الذي يمجدة الجميع و يذكرون إنجازاتة و فضلة علي مصر ، أما عن “ناصر” فيتغير الامر و تجد اللعنات و الرفض المطلق لكل أفعال الرجل و الحديث عنة بصورة سلبية تشعرك بأن هذا الرجل و تجربتة لم تضف شيئا علي الاطلاق لمصر !، و ينقسم هؤلاء إلي أنواع و نقدهم أو بالأحري “نقضهم” ، النوع الاول يشخصن الامر مثال من تضرر بشكل شخصي من قانون الاصلاح الزراعي أو التأميم ، النوع الثانى “النقض” الايديولوجي كمعظم من ينتمون إلي التيار الاسلامي و علي رأسة جماعة الاخوان المسلمين فقط لا يتذكرون إلا صراعهم علي السلطة معة و الاعتقالات فقط لا غير ، وأيضا بعض الليبراليون ممن يعتبرون”ترموميتر “النجاح و الفشل لديهم أمرين هما حرية السوق و العلاقات المتميزة مع الغرب و خصوصا الولايات المتحدة و إسرائيل علي استحياء!! ، النوع الثالث الرومانسي قليل المعرفة ممن يختلط الامر عليهم و استقوا معرفتهم من أفلام السينما أو بغبغانات برامج “الردح شو” الليلية وخلطوا الحاضر بالماضي بمنطق أعوج ساعد فية بعض أشباة المثقفين ممن لا شغلة لهم في الغالب فأطلقوا اليوم علي أنفسهم اسم “نشطاء” ولا أعرف حقيقة معنى أو مدلول واضح للكلمة !!.
أعتقد أنة قد حان الوقت لتفنيد بعض هذة الجهالات الساذجة الحنجورية من هؤلاء الذين لا يفهمون معنى الثورة إلا بهتاف واحد هو “يسقط يسقط حكم العسكر” فقط لا غير باسلوب بغبغاني بهلواني يثير الرثاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.