مي الوزير تكتب | هروب اضطرراي

0 371

من المؤكد أنك قرأت أو سمعت يوما ما عن مقولة ” قف على ناصية الحلم وقاتل ” تعد هذه الجملة
واحدة من أشهر جمل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والتي أصبحت رمزا للإصرار للوصول لما نريد، كتبها درويش عندما اضطر للهرب وتذوق معاناة الغربة.
كثيرون من شباب مصر يوميا يقاتلون من أجل أحلامهم سعيا في تحقيقها لا هدمها، بعضهم يجد من يسانده ويشجعه ويؤمن به، والبعض الآخر لا يجد سوى الإهمال والإحباط برغم استحقاقه مما قد يضطره للنجاة بأحلامه وليس هروبا.

منذ عقد من الزمن تفاقمت فكرة هروب لاعبين أصحاب بطولات خارج مصر لدول أوروربية، دون تفكير أو النظر ورائهم تاركين تساؤلات كثيرة خلفهم ؟
والحقيقة أن الهروب هنا لم يقتصر فقط على اللاعبين ولكن منذ عشرات السنين هرب الكثير من الأطباء، العلماء، أصحاب الفكر والنجاحات للخارج، لينجوا بأنفسهم واحلامهم بحثا عن فرص ترضي طموحهم التي باتت في أيدي من يتصارعون لتدميرها واخمادها بدلا من الانتفاع الإيجابي منهم لصالح بلدهم.

بالنظر إلى الوراء ثماني سنوات أو أكثر، نجد نماذج كثيرة ممن فروا هاربين من مأساة الإهمال المعنوي والمادي، منهم لاعبي المنتخبات المصرية، علماء، أطباء وغيرهم من الكثيرين الباحثين عن تحقيق ذاتهم أو من أجل فرصة حقيقية لتبني موهبتهم والانتفاع بها لصالحهم فلماذا يلجأ هؤلاء إلى أيادي أخرى غريبة لتسفق لهم !
هناك العديد من النماذج التي حققت نجاحات كبيرة رفضتهم بلدهم هنا والعجيب أنهم حينما يحققون نجاحا خارجيا نهتف بأسمائهم ونتفاخر ونعرف فقط الآن أنهم شباب مصر الذين لم تتيح لهم المصالح هنا تحقيق ذلك. !
نماذج ناجية ولا أسميها هاربة سأذكر بعضها :
على سبيل المثال هناك 6 لاعبين في لعبة واحدة وهي المصارعة الفردية، فروا هاربين من داخل معسكراتهم على الرغم من تحقيقهم ميداليات عالمية الا أن تقديرهم لذاتهم وما يستحقونه كان أكبر بكثير من الراتب الذي يتقاضوه من الاتحاد المصري واحتضان وزارة الشباب والرياضة لهم وهي بمثابة البيت والداعم لكل الشباب والرياضيين ولكنها اسم فقط !
-أحمد حسن بوشا وشقيقه – مصارعة
في أغسطس 2017، تخلف محمد أحمد حسن، لاعب المنتخب الوطني للشباب، عن العودة مع المنتخب إلى مصر، بعد انتهاء فعاليات بطولة العالم التى أقيمت بفنلندا. وبعد عامين كرر شقيقه حسن نفس الأمر وهرب من معسكر المنتخب خلال بطولة العالم التي أقيمت بالمجر.
اللاعب محمد عصام – مصارعة 2022 –
أثناء مشاركته في معسكر الاتحاد الدولي للمصارعة لاعب المنتخب المصري للمصارعة تحت سن 17،
المقام بايطاليا وهرب بعد خسارته أمام خصمه وترك متعلقاته داخل المعسكر .
وأخيرا وليس الآخر اللاعب الشاب أحمد بغدودة -مصارعة
أحمد بغدودة لاعب منتخب المصارعة 22 عام والذي كان مسافرا مع بعثة المنتخب لتونس لمشاركته في بطولة أفريقيا والجدير بالذكر أنه حقق المركز الثاني، فقد هرب بغدودة من مصير الضياع والإهمال ، وتحدث والده عبر شاشات التلفاز قائلا قبل ما تحاسبوا ابني فقد كان طموحا وشغوفا ولكن ضياع حلمه هو ما جعله يفكر في الهروب للخارج مؤكدا على تحمل مصاريف ابنه طول فترة تدريباته الماضية برغم ضيق حاله وعمله سائق توكتوك ، ابني لم يحصل على مبلغ 7 الاف جنيهات هذه، فمنذ شهرين قد حصل على 2200 جنية فقط،!
فهل يعقل هذا وهل يليق بشبابنا الوصول بأحوالهم لهذه الحالة؟ وكل ما فعلوه أنهم حلموا فمن المسؤول عن هروب عقول الغد وأمل المستقبل ليبنوا مستقبلهم بعيدا ويرفعوا أعلام بلاد غير بلدهم مصر!! أم ماذا يقدم لهم الغرب من فرص لا نقدر على توفيرها لهم نحن هنا ؟ أين يكمن دور وزارة الشباب والرياضة من كل هذا الفساد والإهمال الذي بات واضحا للكثير في شتى مجالاتها ؟؟ كل هذه أسئلة تحتاج منا جميعا إجابات عليها.
أصبح الوضع لا يحتمل تطورا أكثر من ذلك بل من الواجب النظر في جرائم اتحاد الألعاب الرياضية في مصر وخاصة الفردية ، ووضع آلية شاملة وقابلة للتنفيذ من أجل تطويرهذه الألعاب، والإشراف النظيف عليها وتشجيع أصحابها على مواصلة مسيرتهم هنا مهما كانت الصعاب .
كما أقترح إنشاء مركز خاص بأصحاب الألعاب الفردية لتأهيلهم نفسيا ومعنويا لمعرفة كيفية تخطي الصعاب أو المتاعب التي تواجههم خلال مسيرتهم التدريبية وحتى تحقيق البطولات
ولا أقصد هنا غير أن يكون هناك مكان يكونوا قادرين فيه على ايصال شكواهم ومطالبهم والنظر فيها حينما تراودهم أفكار عدم التقدير وغيرها مثلما نرى فيكون هناك من يتحدث معهم ويستمع لهم ويحاول إيجاد حلول أو فرص أيضا بطرق شرعية .
يتحتم على كل مؤسسات الدولة أن تتكاتف وتعمل دون كلل أو ملل للنطر في هذا الأمر، الذي أصبح فكرة تنمو بعقول أبطالنا وشبابنا وكل من لديه طموح ، وهو مثل عقدة الخواجة يجب علينا فك هذه العقدة وجعلها سلما لطريق أفضل للشباب وتقديم كل الدعم المادي والمعنوي لهم حتى لا يضطروا للجوء لأحضان الغرب هربا من أوطانهم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.