ناصر عجماية يكتب | أصول عيد الأب

0 158

عيد الأب هو اليومٌ الذي خصص لتكريم الآباء والاحتفال به حول العالم، تقديراً لهم على تفانيهم وتضحياتهم لعائلاتهم وأبنائهم وشريكات حياتهم، يتم تقديم الهدايا للآباء في يوم الأحتفال بعيد الأب، مع بطاقات التّهنئة لهم ُتكتب فيها تحيات متنوّعة وعبارات قيّمة، اشتهر يوم الأب في الدّول الغربيّة المتنوعة(أمريكا وأوروبا وكندا وأستراليا) بأيام مختلفة في كل عام، حيث لكلّ دولةٍ لها احتفال وطابعٍ خاصّ يميّزها عن غيرها، وبعض من الدّول يربطون هذا اليوم بالدّين وهم الفئة الكاثوليكيّة، حيثُ ربطوا بين عيد الأب وعيد القديس يوسف، أمّا عيد الأب في الدّول العربيّة والإسلاميّة ما زال دخيلاً جديداً، وتحتفل به أقليّة، والبعض الآخر تبنّوا الفكرة لتخصيص يوم لعيد الأب.
يختلف تاريخ الاحتفال بيوم الأب حول العالم، فالفئة الكاثوليكيّة تحتفل به في التّاسع عشر من مارس، أمّا في الولايات المتّحدة فيتم الاحتفال بهذا العيد، يوم الأحد الثّالث من شهر حزيران في كل عام، موعداً محدداً للاحتفال بعيد الأب لتكريمه، وتعتبر سونورا سمارت دود من واشنطن أول من اقترح الاحتفال في هذا اليوم، حيث كان ذلك في العام 1910م، ولم يُقر هذا اليوم كاحتفال رسميّ حتى العام 1966م، وذلك على العكس من عيد الأم الّذي كان قد تم إصدار إعلان رسمي للاحتفال به في العام 1914م من قبل الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في ذلك الوقت.
وكان ذلك خلال استماعها للموعظة التي ألقيت في جمعية الشّبان المسيحيّة في سبوكان الموجودة في واشنطن، والتي كانت تتمحوّر حول الاحتفال بعيد الأم وتكريمها، فكانت بمثابة إلهام لها حول الاحتفال بوالدها ويليام جاكسون سمارت، والّذي كان أحد قدامى المحاربين في الحرب الأهلية، وذلك بسبب رعايته لها ولأخوتها الخمسة في ظل عدم وجود الأم.
أمّا في أستراليا فالأمر مختلف تماماً من حيث الزمن، فيوم الاحتفال هو الأسبوع الأول من شهر سبتمبر يوم الأحد من كل عام، وفي البلاد العربية فيتم الاحتفال به في أيامٍ مختلفة، فلبنان تحتفل بعيد الأب في الواحد والعشرين من شهر حزيران، وبلدان أخرى كتركيّا والباكستان تحتفل بعيد الأب في التّاسع عشر من شهر حزيران، لحد الآن لم يتم الإجماع على تخصيص يومٍ موّحد لعيد الأب، لا في الدّول العربيّة ولا في الدول الغربيّة وكل دولةٍ تنفرد بتاريخٍ خاصٍ بها.
تكثرُ الأقاويل حول منشأ هذا اليوم، ويُقال إنّ له أصولاً قديمة أكثر من أربعمائة عام ترتبط بالكاثولوكية، ويُقال إنّ له أصولاً بابليّة كلدانية قديمة قبل آلاف السنين، مرتبطة بشابٍ كتب تهنئة وشكر بعبارات تقدير لأبيه على لوحٍ تمّ صنعه من الطّين، وقدّمه له كهدية، وكانت أول هدية تُقدم للأب ويُدعى (الميسو) وهو شاب كلداني، ومعنى هذا بأن الكلدان هم الأوائل الذين أعاروا أهمية كبيرة لعيد الأب.
في روايةٍ أخرى يُقال إنّ (سونورا لويس سمارت) فتاة أحبّت أنّ تُكرّم والدها وتهنّئه بعد أن سمعت مواعظ تمّ إلقاؤها بعيد الأمّ، فتذكّرت والدتها المتوفيّة وجهود أبيها اتجاه عائلته الذي قدم الكثير لأولاده في غياب الأم، فكان قد ربّى أطفاله الصّغار السّتة، ونظراً لتفاني الأب مع عائلته وتعزيزاً لتكريم (سونورا) لأبيها تمّ تحديد اليوم التّاسع عشر من يونيو يوماً رسميّاً لمدينة سبوكان، وقد تمّ فيما بعد تحديد هذا اليوم عطلةً رسميةً في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بأكملها، وتمّ تناقل هذه العادة بين البلدان الأخرى.
لا تقتصر الفكرة فقط في تحديد يوم معتبريه عيداً للأب، على تهنئة آبائنا وإلقاء التّحية عليهم، فالأب هو عطاءٌ لا ينفد ولا يمكن تعويضه والغاء دوره أو التقليل من وجوده كما يحدث اليوم في غالبية البلدان الغربية، فهو الحنانٌ الدائم والمضحي الأستمراري، بالرغم من قساوة الأيّام وصعوبتها وتعقيدات الأوضاع الأجتماعية والسياسية والأقتصادية، فكم من الآباء أناروا الطريق لأبنائهم مضحين بالغالي والنفيس من أجل نشأتهم وتربيتهم، متمنياً أن يكونوا الأبناء افضل منه نشأة وتربية وعلماً وخبرة ولطفاً وثقافة، فوضعوا حكمتهم وخبرتهم بين أيدي أبنائهم دون منّة ولا تقاعساً ولا مقابلاً، ليستمدوا منها ما يفيدهم في كل ما يواجههم من عثرات الحياة وتقلبات الزمن العاصف، زيّنوا دروبهم بالحكمة والفعل والعمل والأمل، وأعطوا من أنفسهم وروحهم دون حسابٍ ودون مقابل، فكلمة شكر نوجّهها لهم وبر وإحسان لن توفي حقهم علينا، فلنقدّم لهم كلّ ما هو جميل وكل ما يشعرهم بالسّعادة لنسمع أرقى الدّعوات ونفوز بالجّنان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.