د. أحمد سلطان يكتب | أسعار النفط والركود العالمي

0 1,169

يمثل النفط حوالي ٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولذاك؛ إذا تضاعفت هذه التكلفة، فمن المتوقع أنه سيكون له بعض التأثير المحتمل في التضخم، والارتفاعات أو الصدمات النفطية الحادة في تاريخ صناعة النفط منذ بدايتها في كثير من المناسبات سبقت فترات الركود، حيث أثرت حالات ارتفاع أسعار النفط علي زيادة كبيرة في أسعار معظم السلع، وأنعكس ذلك على تكاليف سلاسل التوريد، وبالتالي إذا استمرت أسعار النفط في هذا الارتفاع الغير مسبوق، فسوف ينعكس ذلك الارتفاع على الاقتصاد العالمي بالسلب، مما يعمل على خفض الإنفاق بسبب الاستمرار الكبير فى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، والتاريخ والأرقام يؤكد تلك الحقائق فعلى سبيل المثال، كان لارتفاع أسعار الطاقة والنفط انعكاساً وتأثيرًا علي الركود في منتصف السبعينيات، وأوائل الثمانينيات وأوائل التسعينيات القرن الماضي، وأيضًا في عام ٢٠٠٨ وحالات ارتفاع أسعار النفط الحادة قبل الكساد العالمي الكبير، والأزمة الاقتصادية الضخمة في العالم، وبعد ١٤ عامًا ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وكأن التاريخ يعيد نفسه ارتفعت أسعار خام برنت بشكل كبير نحو ١٢٠ دولارا للبرميل، أثيرت العديد من المخاوف من تباطؤ الاقتصادي العالمي حتى الوصول إلى حالات الركود، ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية للطاقة مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية من جهة والصراع الروسي الأوربي من جهة أخري ومع تصاعد الصراع بالحظر الأمريكي للنفط الروسي وما تبعه من تداعيات علي سوق النفط العالمي وبداية فرض العقوبات الأوربية على الدب الروسي، حيث زادت المخاوف من اقتراب اتخاذ إجراءات وعقوبات محتملة ضد صناعة النفط والغاز الروسية والتي تمد العالم بحوالي ٧٪ من النفط العالمي وتعد من أهم مصدري المنتجات والمواد البترولية في العالم، عند نقطة فاصلة وثبات سعري ستصل أسعار النفط العالمية إلي الاستقرار وعند تلك النقطة تبدأ معدلات النفط في الانهيار إما من خلال ترشيد استخدام الوقود أو لأن أسعار الوقود أصبحت باهظة الثمن وبالتالي تنعكس علي تكلفة كل شيء، ومثل هذا الوضع يأتي في الوقت الذي يعاني العالم ولازال يكافح من تبعات وباء كورونا وتداعيات الحرب الروسية علي الأراضي الأوكرانية، وبلغة الأرقام نجد الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد أكبر منتج ومستهلك نفط في العالم وصل معدل التضخم بها حوالي ٧٬٥٪ في يناير من العام الحالي وهو المعدل الأعلى منذ أكثر من ٤٠ عاماً.
بصفة عامة فالنفط ليس السلعة الوحيدة الآخذة في الارتفاع، ولكن الأسعار العالمية لسلعة مثل القمح سجلت ارتفاعاً قياسيًا مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، حيث إن الدولتين من كبار مصدري القمح عالميًا، وبصفة خاصة يعد الدب الروسي من أكبر مصدري السلع الأساسية في العالم، وتعرضت لفرض عقوبات كبيرة من القارة الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية وأصبح من الصعب استمرار عمليات تصدير شحنات القمح من البلاد وانعكس على الإمدادات العالمية، مما أنعكس علي أسعار والارتفاع الحاد وبنسبة أكثر من ٥٠٪ منذ بداية الحرب، ومن الواضح أن حالات من الركود ستصيب العديد من الاقتصادات العالمية، وفى ظل العديد من المخاوف من حالات الركود العالمي المحتمل حان الاعتراف بأن الارتفاع الأخير في أسعار الوقود بعد بدء حالات التعافي من جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية والتي لا يعرف أحد نهايتها، لم تكن سوى بداية الألم والركود العالمي.
لن تظهر زيادة أسعار النفط في محطات الوقود فقط، بل ستظهر في جميع السلع والخدمات التي نستخدمها، لأن النفط هو مادة وسيطة ومصدر للطاقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.