عبد الرحمن مصطفى يكتب | الفقر من الاستهلاك إلى التنمية

0

تُعد مشكلة الفقر من أهم القضايا التي تواجه الدولة المصرية فهو العدو الأول للبسطاء من المصريين ويمثل ظاهرة اجتماعية خطيرة ذات أبعاد متعددة وترتبط إرتباطًا وثيقًا بالتنمية وبإستقرار الدولة المصرية فهناك علاقة وثيقة بين الفقر والسياسة العامة في كافة النواحي والمجالات فهى قضية معنية بالتنمية والاستقرار الاجتماعي والسياسي وأيضا العدالة الاجتماعية كما أنها قضية ذات أبعاد اقتصادية وثقافية وتتنوع إستراتجيات التعامل معها وفقآ لآليات الأطراف المعنية بها حيث يوجد ثلاث فواعل رئيسية في عملية التنمية وهي الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ويتفرد الآخير بعوامل تأثير متنوعة حيث تتميز الجمعيات الأهلية في مصر بإتساع النطاق الجغرا في لنشاطها والذي يشمل أغلب المحافظات بالإضافة لما تمتلكه هذا الجمعيات من موارد مالية ضخمة سواء كانت تبرعات داخلية من أفراد أو رجال أعمال أو منح من منظمات دولية وجهات مانحة حكومية وغير حكومية وعلى الرغم من كل هذا يظل السؤال لماذا في إطار كل هذا الجهد والإمكانات لا يظهر تأثير قوى للعمل الأهلي في مصر في أحداث التنمية وخفض نسب الفقر رغم كل الجهود المبذولة وحجم الإنفاق الهائل لمجابهة الفقر في مجال التنمية إلا أن معدلات الفقر كانت تتزايد منذ عام ٢٠٠٩ وحتي عام ٢٠١٨ إلي أن تم تغيير سياسة الدولة لمكافحة الفقر وتطبيق سياسة جديدة تشتمل علي برامج حماية إجتماعية أكثر فاعلية وتأثير أدت لخفض نسبة الفقر في آخر عامين وأهمها { المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري (حياة كريمة )_ برامج الدعم الغذائي مبادرة مراكب النجاة لمكافحة الهجرة غير الشرعية برنامج الدعم النقدي المشروط تكافل وكرامة_ برنامج فرصة_ برنامج “مستورة” للتمويل متناهي الصغربرنامج اثنين كفايةبرنامج سكن كريم_برنامج دعم الإسكان الاجتماعي }نجحت تلك البرامج في تراجع معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% عام 2019-2020 مقارنة بـ 32.5% عام 2017-2018 بنسبة انخفاض قدرها 2.8% مما يعكس نجاح جهود الدولة لتحقيق العدالة الإجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية الذى نفذتها الدولة وركزت فيها على البعد الإجتماعي للتنمية، وأدت جهود الدولة أيضآ الي خفض نسبة الفقر المدقع وهى نسبة من لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم من الغذاء، فا أنخفضت نسبة الفقر المدقع علي مستوي الجمهورية إلي 4.5% عام 2019/ 2020 مقابل 6.2٪ عام 2017/2018
ويدفعنا هذا التغيير الملحوظ في نسبة الفقر القومي تبعآ لتغيير سياسة مكافحة الفقر من قبل الدولة إلي طرح تساؤل ماذا سيكون الأثر الواقع جراء إستبدال الجمعيات الأهلية والخيرية والمجتمع المدني لسياسة الإستهلاك بسياسة التنمية المستدامة لخفض نسب الفقر بدلآ من إنتاجه وما هي عوامل خلخلة الفاعلية في التأثير رغم كل تلك الجهود المبذولة.
أول هذه العوامل السطحية المفرطة في فهم تفصيلات قضية الفقر و تتجسد هذه السطحية في ممارسات كثير من الجمعيات الخيرية المعنية بقضية مكافحة الفقر في اعتبار أن منح الفقراء الطعام أو الملبس أو غيره من الاحتياجات كفيلًا بمعالجة الفقر والتي يمكن إستبدالها بتجربة أكثر فاعلية مثل ” بوليسيا فاميليا ” بدولة البرازيل والتي قامت بإنشاء مطاعم بتكلفة منخفضة لسد حاجة الآمن الغذائي و توفير الجهد والإنفاق للإطار التنموي وخلق بيئة إنتاجية للأسر الفقيرة تمكنهم من إيجاد سبل للدخل المستدام هي الأولي والأبقي للقضاء علي الفقر في مصر
وهناك مشكلة أكثر عمقآ وآثرا ترتبط بعدم التنسيق التكاملي بين تلك الجمعيات و الأطراف الفاعلة الأخري الدولة أو القطاع الخاص وبين تلك الجمعيات وبعضها من جانب أخر فيتجلي الخلل في التنسيق أنه قد تحصل أسرة واحده علي أكثر من دعم من جهات مختلفة بإعتبار تقييم تلك الأسرة أنها مستحقة للدعم ومن جانب أخر يهدر هذا الشتات الفرصة علي أسر مستحقة أخري فرصة الحصول علي الدعم وهو الأمر الذي يتطلب توحيد الرؤي والجهود والعمل بالتنسيق بين كل الأطراف المعنية وفقآ لخريطة موحدة للفقر وإستراتجية وطنية للقضاء عليه وفيما يتعلق بالقطاع الخاص يجب تعظيم دور القطاع الخاص في المشاركة المجتمعية خاصة في ظل وجود قوانين محلية تمنح خصومات علي الضرائب للمؤسسات التي تقوم بالمساهمة المجتمعية ونخلص إلي إن تعقد ظاهرة الفقر وتداخل أبعادها لا يتم التعامل معها ألا من خلال رؤية تكاملية و شراكة مؤسسية وحقيقية ومتوازنة بين الجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية من أجل ضمان التكامل بين الأدوار من ناحية وضمان كفاءة الإنفاق ووصوله إلى مستحقيه في إطار إستراتجية وطنية لمكافحة الفقر مدعمه بتشريعات تدعم توحيد الجهود لمجابهة قضية الفقر في مصر بشكل فعال وترتكز تلك الإستراتجية الوطنية علي سياسات رئيسية ترتكز علي :
• إعداد قاعدة بيانات شاملة بالإعداد والنوع والتوزيع الجغرافي تستحدث باستمرار
) خريطة موحده للفقر في مصر)
• توحيد الجهود بين الجهات الفاعلة وتركيز تمويلها .
• استبدال سياسة الإنفاق الاستهلاكية إلي سياسة تنموية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.