عبد الرزاق السويراوي يكتب | رمضان والسمو الرّوحي

0 440

لا أري في صوم رمضان مجرّد الامتناع عن الأكل والشرب فحسب، فالكثير من الأحياء تشارك الإنسان في هذا الامتناع. رمضان فيه من السّمو الرّوحي بحيث يحيل الي مراجعة الذات الإنسانية على مدي عام كامل عمّا مارسته من قبحٍ وجمالٍ على السّواء، فتعتصمُ بالجميل منه وتطوره وتترك خلفها ما هو قبيح فتهجره. رمضان هو فيضٌ رحمانيٌّ تسمو به الروحُ نحو مدياتها الأرحب الكامنة في جبلّتها، فتشاركُ إن هي فعلتْ ذلك الملائكةَ في رفيف أجنحتها حول عرش الرحمن، لتنهل من هذا الفيض الملكوتي حيث تفتح السماوات العُلي مغاليق أبوابها، وتطوف فيها أرواحُ الصّائمين، تاركةٌ خلفها، كلّ الكدورات الدنيوية التي تقيّد المؤمن وتكبّله على مدي عام كامل إلّا شهرًا.

رمضانُ إذًا هو سياحةٌ قد لا تتكرر على الدوام، وهنا ينبغي أن نسأل أنفسنا، أين نحن من هذا السمو الروحي والعبقات الملكوتية الرحمانية؟ هل وصلنا ولو إلى جزء يسير من تخومها النورانية؟ أم نحن تشغلنا لحظة الإفطار بعد الأذان لنعبَّ ما لذّ وطاب متناسين اللذّة الحقيقية التي ينبغي أن يعيشها الصائم؟ أسارع بالقول بأن ما أقوله ليس جمهورية فاضلة لا وجود لها إلّا في بطون الكتب، لا، إنما هي متاحةٌ لمن يعشق الفيضَ الرّحماني. تقبّل اللهُ منّا ومنكم الصّيام وقبول الطاعات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.