هناء عبد الفتاح تكتب: مبتصليش ليه يا زنديق؟

0

 

المقارنة بين رد فعل نقابة الممثلين بعد رصد التطاول على الفنانة منى زكى عقب عرض فيلمها الأخير على منصة نتفليكس الذي تزامن مع رد فعل وزير الأوقاف بوقف إمام مسجد مطروح عقب نشره فيديو على موقع التواصل الإجتماعى صور فيه المسجد خاليًا من المصلين في أثناء بث مباراة منتخبي مصر وكوت ديفوار، هي في مضمونها مقارنة خبيثة وممنوعة من الصرف ولا محل لها من الإعراب، مقارنة تحاول التسويق لفكرة انتصار الفساد والإنحلال الأخلاقى على ركن أساسى من أركان الإسلام الخمسة، وجدير بالقيامة أن تقوم الآن بعد هذا.

ما علاقة رفض الهجوم على فنانة بسبب عمل قدمته لا يمت لمصر بصلة برفض أن يضع أحدهم نفسه مكان الله ويحاسب الناس أو حتى ينتقدهم على تقصيرهم في أداء الصلاة؟! يرفض الله التدخل في شئونه الخاصة شكلًا ومضمونًا وأكد في أكثر من موضع أن حساب عباده هو حقه وحده، هو وحده الذي يعقاب أو يغفر، وهو وحده الذي يستر أو يرفع ستره، وهو وحده الأعلم بالصدور وبما وقر في القلوب.

ارتكب إمام مسجد مطروح جرمًا صريحًا بدون أدنى مبالغة، جرمًا في حق الله إذ تعدى على صلاحياته، وجرمًا في حق الناس إذ تعدى على حرياتهم الشخصية، وجرمًا في حق مساحة الاستغفار والتوبة التي يستقبل منها الله عباده الذين قصروا فى حقه وأسرفوا على أنفسهم، بلا شك لو كنا عام 2012 لاستعمل هذا الرجل مفردات أكثر جرمًا فى تعبيره عن رفضه خلو الجامع من المصلين وقت المباراه بأن وصف المتخلفين عن الصلاة بالكفر والإلحاد والزندقة وخلافه، ولكان ذهب بكاميرته إلى المقهى سائلًا كل من وقع في طريقه “مبتصليش ليه يا زنديق منك له”!

طبعًا خلو الجامع من المصلين أمر ليس محمودًا، لكن الله يرى وملائكته تسجل وعندما يحين وقت الحساب سيكون له مطلق الحرية فى أن يعفو أو يعاقب وفقًا لرؤيته وتقييمه للمشهد كاملًا، هو الذي فرد لكل خلقه أعلى سقف لحرية الإختيار وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فكيف يأتى منهم من يلغى حرية الإختيار ويقرر ويحكم ويعاقب بفضح وتجريس المقصرين في أداء الصلاة؟! من أدراه أن جميعهم لا يصلون؟ من أدراه أن أحدًا منهم ما كان ينوى الصلاة فى بيته؟ ومن أدراه أن لا أحد منهم أفضل منه هو شخصيًا عند الله. وقف هذا الرجل وتحويله للتحقيق هو احترام لصلاحيات الله في خلقه، ورسالة شديدة اللهجة لكل من يضمر الداعشية فى صدره بأن تظل فى صدره وأنه لو عبر عنها بأى شكل من الأشكال سيجد عقاب رادع، ورسالة أيضًا بأن منابر الجوامع صنعت للدعوة إلى طريق الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأى تجاوز لهذا الخط سيكون الرد عليه فوريًا، كل التحية لمن حمانا من العقول الداعشية، والحمد لله الذي قدر علينا ألا نعانى ويلاتها لو كان حكم 2012 استمر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.