أحمد السبكي يكتب | مصر والتحول الرقمي (2-2)

0 157

قد أدى دمج وزارة الدولة للتنمية الإدارية في أعقاب 2011 في وزارات أخرى ونقل البرنامج في فترة من الفترات إلى وزارة التخطيط والإصلاح الإداري ثم إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى عدم التركيز على موضوع التحول الرقمي حيث أصبح برنامج التحول الرقمي مجرد برنامج أو قطاع ضمن الاهتمامات الكثيرة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتي تتضمن ضمن ما تتضمن وضع خطط تطوير البنية التحتية للاتصالات، وتحديث البنية التكنولوجية والمعلوماتية للوزارات والجهات المختلفة، والمشاركة في تنفيذ العاصمة الإدارية وإنشاء جامعة لتكنولوجيا المعلومات فيها، بالإضافة إلى إنشاء ونشر مراكز الإبداع في المحافظات المختلفة. إن تنفيذ كل هذه الأنشطة المختلفة أدى إلى عدم إعطاء الأهمية القصوى أو التركيز على برامج التحول الرقمي بالرغم من أهميتها القصوى، مما أدى إلى تراجع مصر في مؤشر الحكومة الإلكترونية والذي تصدره الأمم المتحدة (UNPAN Report) إلى المرتبة 114 عام 2018، وإلى المرتبة 111 عام 2020، والمرتبة 103 عالميا والسادسة إفريقيا عام 2022 بعد كل من جنوب أفريقيا وموريشيوس وسيشل وتونس والمغرب على الترتيب، وعلى المستوى العربي جاءت مصر في المرتبة العاشرة بعد كل من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ومملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر وتونس والمملكة المغربية على الترتيب، بالرغم من كونها الثالثة أفريقيا بعد كل من تونس وموريشيوس على الترتيب عام 2010.

وبهذا الترتيب المتأخر على المستوى العالمي وكذلك على المستوى الإقليمي عربيا وأفريقيا، صُنفت مصر ضمن الدول الأقل من المتوسط العالمي في هذا المجال، وجاءت دول مجلس التعاون الخليجي كلها وتونس ضمن الدول الأعلى من المتوسط عربيا، كما جاءت كل من جنوب أفريقيا وتونس ضمن الدول الأعلى من المتوسط أفريقيا.

إن الخدمات المقدمة حاليا من “منصة مصر الرقيمة”، وهي المنصة التي حلت محل “بوابة الحكومة المصرية” تقدم حاليا 149 خدمة مُقدمة من تسع وزارات طبقا لبيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في حين أن بوابة الحكومة المصرية كانت تقدم 120 خدمة حتى عام 2010، أي أن كل ما زاد من الخدمات في 12 عام هو ما يقرب من 30 خدمة. ودعنا نقول أن عدد من الخدمات التي كانت تقدمها بوابة الحكومة المصرية قد تم إجراء تطوير عليها، ولكن للأسف ليس بالشكل المطلوب، فعلى سبيل المثال (لا الحصر) مازال طالب خدمة تجديد ترخيص المركبات مُلزم بأن يحصل على شهادة براءة الذمة من المخالفات ويقدمها ورقياً أثناء عملية تجديد ترخيص المركبة، في حين أنه كان لزاما بعد مضي ما يزيد عن عشر سنوات من تقديم الخدمة إلكترونيا وفي ظل التحول الرقمي (لا الميكنة) ألا يحتاج المواطن إلى الحصول أولا على شهادة المخالفات ثم يقوم بتقديمها أثناء تجديد رخصة المركبة، بل أن يقوم المواطن بالتجديد ودفع المخالفات من نفس الخدمة المُقدمة من بوابة مصر الرقمية، والأمثلة في هذا المجال كثيرة.

إن المشروعات الجديدة المدرجة في رؤية مصر 2030 والعناصر اللازمة للوصول بالجمهورية الجديدة إلى شاطئ الأمان، والاحتياج إلى استكمال عمليات التحول الرقمي لكافة الجهات الحكومية، وتأكيد السيد رئيس الجمهورية على أهمية الانتهاء من تنفيذ عمليات التحول الرقمي الكامل لكل الخدمات الحكومية بالتوازي مع انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، واستكمال المدن الجديدة الذكية المعتمدة كامل الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وتأمين البٌنى التحتية واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نواحي الحياة المختلفة والتوجه إلى الثورة الصناعية الرابعة المعتمدة تمام الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وامتزاجها بإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، يحتاج إلى تركيز الجهود والفكر والرؤية، كل هذا لن يتأتى إلا بوجود قيادات تركز جل اهتمامها على هذه الموضوعات دون غيرها من الموضوعات التي أصبحت مصدر آلام للمسئولين قبل المواطنين.

إن السؤال الذي يمكن أن يُثار حاليا هو: هل أصبحت مصر في حاجة ماسة إلى وزارة دولة للتحول الرقمي؟

أعتقد ومن كل ما سبق ذكره، فإن مصر تحتاج بشدة وفي أسرع وقت لوزارة دولة للتحول الرقمي، تكون مهمتها الأساسية تحقيق النقلة النوعية التي وضع أُسسها السيد رئيس الجمهورية للوصل بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة والي المكانة التي تستحقها مصر بين دول العالم كدولة ذات حضارة.

إن هناك العديد من التحديات التي تواجه عملية التحول الرقمي في مصر، وفي نفس الوقت تُشكل هذه التحديات فرصاً كبيرة لمجتمع تكنولوجيا المعلومات من الشركات المصرية، وهو ما سيكون موضوع لمقالات أخرى إن شاء الله إذا كان في العُمر بقية.

* أحمد السبكي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.