إيمان موسى تكتب | السياسات الاقتصادية العامة

0 182

هل المطلوب في الفترة الرئاسية الجديدة، وزير ذو خلفية اقتصادية كأولوية أولى؟ أم أن خلفية الوزير لن تكون هامة بقدر التمكين الممنوح لها ولحكومته المشكلة؟ الإجابة عن هذا التساؤل، هي في حد ذاتها أولوية كبرى للفترة القادمة. فالتجربة العملية على أرض الواقع غربًا وشرقًا تقول إن العبرة ليست بخلفية الشخصية التي تقود الحكومة أو حتى على مستوى وزارة واحدة، بل بقدر التمكين الممنوح للتصرف وطرح السياسات وصياغتها، والدعم السياسي على حد سواء.
فالشارع المصري ينتظر الكثير من واضعي السياسات العامة الاقتصادية في الفترة الرئاسية الجديدة. هذه السياسات التي يتعاون في وضعها وفقًا للدستور السلطتين التشريعية والتنفيذية، لذا فلأمر لا يتوقف فقط على رئيس الحكومة المنتظر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعول عليه وحده تصحيح وضبط المسار الاقتصادي للدولة خلال الفترة الرئاسية الجديدة.
فالرئيس المنتخب يحتاج لحكومة متكاملة من حيث التخصصات والكفاءة كمعيار رئيسي في اختيارها من جانب رئيسها، وهذه الحكومة في المقابل تحتاج لمزيد من التمكين، بالشكل الذي يدعم قيامها بالتخطيط السليم للأولويات الاقتصادية للدولة، ومن ثم وضع الأجندة التي تتناسب مع المرحلة الصعبة القادمة.
فالتحديات الاقتصادية المحتدمة، أصبح يلمسها المواطن البسيط، بل أصبح المواطن على علم بحركة الدولار وكيف تؤثر على الأسعار في الأسواق. فأزمة السوق الموازي تعد التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة، ويتداخل معها بشكل مباشر وغير مباشر أزمات متفرعة مثل التضخم الحاد في السلع الأساسية، وأزمة توفير السيولة الدولارية، للوفاء بالتزامات الدولة الداخلية والخارجية.
فعندما يلقي الخبراء والمواطنون باللوم على الحكومة، أكاد أتساءل ما هو تعريف الحكومة لديهم، لأنه إذا ما تم اختزالها في شخص رئيس الوزراء فهو تعريف غير دقيق وغير سليم بالمرة. ولا حتى تعريفها بأنها عبارة عن مجلس الوزراء والوزارات الموجودة وعددها حاليا 32 وزارة.
السياسات العامة الموضوعة في برنامج الحكومة الجديدة، لابد وأن تكون كلا من السلطتين التشريعية والتنفيذية مسئولتان عنها أمام الرأي العام، من حيث ترتيب الأولويات أو وضع الاجندة ومرورًا بصياغة هذه السياسات وصولًا إلى مرحلة التقييم، والتي يتم فيها قياس أثر هذه السياسات على المجتمع، وما إذا حققت أهدافها أم لا.
هذه تسمى نقطة التوازن في السياسات العامة، حيث ساهم في وضعها الجهات المعنية بحكم الدستور، ولذلك يكون البرلمان شريك رئيسي للسلطة التنفيذية في هذه السياسات، ومن ثم تكون محاسبته للسلطة التنفيذية على أساس تشاركي، أي يكون دوره تقويمي، وليس الهدف وضع الوزراء على منصة الاتهام أو التقصير.
وتجدر الإشارة أن اختيار حكومة ذات خلفية اقتصادية ليست بالأمر السلبي أو أنه غير ذو قيمة، ولكن بالفعل من الأفضل خلال الفترة القادمة أن يكون هناك تشكيل لحكومة ذات خلفية اقتصادية خاصة فيما يتعلق بوزارات المجموعة الاقتصادية والبنك المركزي، ويظل التأكيد على توفير التمكين المناسب لهذه الحكومة.
وأهم آليات التمكين هو تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية بالشكل المطلوب والسليم، هذا الامر من شأنه أن يعيد ثقة القطاع الخاص في السوق المحلي، وأن يتعاون مع الحكومة الجديدة الممكنة اقتصاديًا وسياسيًا في تصميم خطة إنقاذ عاجلة لمؤشرات الاقتصاد الرئيسية.
وفي النهاية، يجب التأكيد على النمط التشاركي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في صياغة وتنفيذ السياسات العامة في الفترة الرئاسية الجديدة، فلابد من تعاون كافة القوى في الدولة لاستكمال الجهود المبذولة من جانب الدولة على مدار السنوات العشر الماضية، والتي أسهمت بشكل فعال في إعادة الأمن والاستقرار للدولة، بعد سنوات من الاضطراب الذي كاد أن يعصف بمؤسساتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.