حسني إبراهيم عبد العظيم يكتب | رؤية سوسيولوجية لختان الإناث

0 133

تعرف منظمة الصـحة العالميـة عملية ختان الإناث – أو تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى كما تسميها- بأنها كل الإجراءات التي تتضمن الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، أو إلحاق الأذى بتلك الأعضاء لأسباب غير طبية.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية أن عددا يتراوح بين 100 إلى 140مليون فتاة وامرأة في مختلف أرجاء العالم قد تعرضن لواحد من الأشكال الثلاثة الأولى للختان، وارتكزت تلك التقديرات على المسوح والبيانات التي تم جمعها في أوقات متباينة، وتحتل قارة إفريقيا الصدارة في هذا الصدد، إذ تشير التقديرات إلى أن حوالي 91.5 مليون إمرأة وفتاة في إفريقيا ممن تتجاوز أعمارهن تسع سنوات قد تعرضن لتلك العملية، كما أن هناك ما يقارب ثلاثة ملايين فتاة معرضة لإجراء تلك العملية سنويًا.
ولا ينتشر الختان في المجتمعات العربية في الشمال الإفريقي باسـتثناء المجتمع المصـري، ويمَـارِس الختان المسلمون والمسيحيون، وبعض الديانات الوثنية، وبعض الطوائف اليهودية، على الرغم من عدم وجود إلزام ديني محدد بشأنها لديهم.
يرجـح بعض الباحثين أن جـذور عمليـة ختـان الإناث تعود إلى بعض القبائل التي كانت مستقرة على الساحل الغربي للبحـر الأحمـر، والجنوب الشـرقي لقـارة إفريقيا، حيث كانت تُجري تلك العملية لتقليل الرغبة الجنسية لدى النساء، وحمايتهن من الانحراف خاصة في حالة غياب الرجال فترات طويلة في الحـروب، وثمة علاقة بين العبودية وانتشار تلك العملية، حيث جلب المصريون في حروبهم في الشرق الإفريقي أعدادا كبيرة من الأسرى الأفـارقة، وكانوا يستبقون بعضهم في مصر، ويبيعون البعض الآخر عبر البحر الأحمر إلى جنوب الجزيرة العربية، وقد ساهم هؤلاء العبيد في نقل الختان إلى تلك المناطق قبل ظهور الإسلام بفترات طويلة.
ينبغي التأكيد على ملاحظتين جوهريتين: الأولى أن عملية ختان الإناث ليست ظاهرة فـرعونية كما يزعم الكثيرون، فعلى الرغم من أن البرديات الطبية التي تم العثور عليها تضمنت الكثير من التفاصيل الدقيقة عن الجسـد الأنثوي، إلا أنها خلت تماما من الحديث عن ختان الإناث. ويؤكد العديد من الباحثين – كما بيّنا منذ قليل – أن ظاهرة الخفاض نشأت في بعض المجتمعات الإفريقية البدائية، وارتبطت ببعض معتقداتهم الشعبية والدينية. الملاحظة الثانية أن تلك العملية لا علاقة له بالإسلام، فالقرآن الكريم لم يشر إليها مطلقا، كما أن الأحاديث النبوية التي جرى الناس على تكرارها لاترقى لمستوى اليقين، فهي في مجملها أحاديث ضعيفة الإسناد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.