د. محمد بغدادي يكتب | رؤية تحليلية

0 267

أراني الآن أقف على عتبة دنيانا وأشاهد المشهد من بعيد. ثم اقترب شيئا فشيئا لأحاول تفسير ما أرى ولكنني لا أستطيع تفسير أي شيئ. ثم أستيقظت من نوم عميق لأحاول مرة أخرى ثم أجدني قادرًا على التفكير والتأويل والتنظير. فمنذ أكثر من عامين والعالم يجول في فوضى عارمة وتغييرات شاردة ووقفات صادمة وتكهنات بها شيء من الحقيقة وتحولات كادت أن تودي به لولا عناية الله التي أوقفت هذا المد الفوضوي فمع كورونا وانتهاء حياة الملايين ثم تحولات وتغييرات في ميزان القوى العالمية أصابت المجتمع الدولي و جعلته في موقف لا يحسد عليه ثم حربًا أوروبية أمريكية بقيادة واشنطن و المعسكر الغربي ضد المعسكر الشرقي برعاية موسكو بأرض أوكرانيا التي ليس لها ناقة ولا جمل حيث استطاعت الحرب أن تخلق حالة من الهلع الاقتصادي والتضخم وأزاحت الستار عن الاقتصادات الضعيفة المستهلكة وسلطت الضوء على الاقتصادات القوية المنتجة مع بروز بدايات لمجاعات فتاكة في دولا نامية تحبو نحو رغيف الخبز حبو الطفل نحو أمة. كما شهد العالم تغيرات مناخية طبيعية ظهرت واضحة في المشهد المناخي الدولي وجفاف بعض الأنهار وعواصف قاتلة بموجات برد قارصة بخلاف احتراق الغابات في أقاصي القارات مما هدد وبقوة درجة حرارة الغلاف الجوي لأول مرة وجعلنا في مهب الريح وتساءلنا هل غضبت الطبيعة أم أن هناك رأي آخر أم أن ملوثات البيئة جعلتها تتأرجح وتمرض. وها هنا تركيا وسوريا أسيرا سلسلة من الزلازل هزت كيانا الدولتين من جذورهما وعم الحزن أجواء أنقرة ودمشق وسط ذهول الشعوب العالمية فهي قدرة الخالق الذي يحرك كوكبنا أينما يشاء ووقتما يشاء وبالطريقة التي يراها والكيفية التي يحددها فجعل أنقرة تتلهث المساعدات وجعل دمشق مكتئبة بعد سنوات مريرة بحروب داخلية أفقدتها توازنها تماما منذ أكثر من عشرة أعوام عجاف. وبنظرة متأنية نجد أن هناك أراضين وليست أرض واحدة وهناك أيضا سماوات وليست سماءا واحدة وكواكب ونجوم ومجرات وأقمار بخلاف المجموعة الشمسية ومكوناتها فهؤلاء عوالم أخرى وحياة أخرى ومجريات أخرى تسير بخطوات ثابتة في فلك يسبحون ولا يستطيع أيا منها أن يزحزح الأخر أو يأخذ مكانه ووصف ذلك القرأن المعظم قائلا لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار والجميع يسبح في ملكوت الخالق القادر. فالأمر جلل ويحتاج لتدبر وها أنا وأنتم نقف مكتوفي الأيدي لا ندري ماذا نصنع ولماذا نفكر وكيف نفكر في ظل اضطرابات القلوب وتمزقها كقطع الليل المظلم والتفكير السلبي الذي جعلنا هائمون وسلب من بيننا الحياة والضحكة المصحوبة بالدموع فأصبحت عقولنا عالم أخر لأشخاص أخرون وليست لنا ولا تنتمي إلينا تماما. بالاضافة لحالة من الملل والزعر والخوف والترقب والقلق مع فقد الشهية والتفكير الزائد ليلًا ونهارًا وباتت الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا وتركنا العالم الآخر عالم الملائكة عالم الروحانيات عالم الصلوات عالم الراحة النفسية عالم الهدوء عالم الصمت.

القضية تحتاج منا لمزيد من التدبر والتفكر والتأمل وحسن الإرادة والإدارة حتى نعي وندرك ونفهم ما يجول حولنا . فهناك مجموعة من الاعتبارات التي لابد من الاهتمام بها لتضعنا على الطريق السليم منها: العمل على إعادة هيكلة تفكيرنا بطريقة ايجابية محفزة لتوقظنا من نومنا العميق لإن تغيير نمط التفكير يجعل منك شخص أخر قويا وقادرا وملهما. بالإضافة للاستيقاظ مبكرا في الصباح لجدولة جدول الأعمال مع البدء بالأهم ثم المهم . بخلاف توطيد الصلة مع خالقنا سبحانه وتعالى ليعيد صياغة حالتنا النفسية وتقوية قلوبنا . وبالنظر لإدارة نفسك فلا تؤجل عملك اليوم إلى غد لا تعلم ما يخفي لك من أعمال أخرى ومبادرات مستقبلية. مع العمل على تقييم أوضاعك الحالية لتكتب بيدك ما نقاط ضعفك ونقاط قوتك لتقلل الأولى وتزيد من الثانية. بالإضافة للنظرة المستقبلية لادراك حقيقة الأمور. و البدء فورا في مشروعك الخاص لتخرج من عباءة الروتين الوظيفي ولو بأقل القليل. وهكذا حتى نتصالح مع الله أولا ثم مع أنفسنا ومع الأخرين ومع الدنيا بأسرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.