علي محمد اليوسف يكتب | النقصان في الذات والوجود (2-4)

0 176

العقل المعرفي المتميز وان كان يفوق العقل المحدود بالنسبة لغالبية الناس فهو اي هذا العقل المعرفي المتقدم هو ناقص بمحدودية ما يدركه علميا ويفكر به ذاتيا. بنفس نقص العقل المعرفي المتدني المستوى لكن يبقى الفارق النوعي عند العقل العالم لا يتساوى مع الادراك العقلي الذي يعيش الحياة بروتين تحدده وسائل العيش مثل الاكل والنوم واشباع الجنس وهكذا.
كينونة الانسان ونقصان تكويناتها
كينونة الانسان التي تتوزعها الاقانيم الثابتة التالية نجدها موزعة بين امتلاكها العقل ووعي الذات وامتلاكها الجسم وامتلاكها اللغة واخيرا امتلاكها الوجود الطبيعي الارضي – الكوني. هذه الجوانب وغيرها من التمايزات التي تمثل خصائص انسانوية شخصية لكينونة الانسان نجدها في حصيلتها العامة ناقصة في كل شيء يدركه الانسان تتشكل عنه حصيلته كينونة موجودية ولا تتشكل عنه ذاتا عارفة بكل شيء.. وهذه غير الخصائص التي يمتلكها الانسان ولا تمتلكها لا الطبيعة ولا مكوناتها الموجودية من كائنات حيوانية ونباتية.
خذ عقل انسان ما لا على التعيين هو في حالات عديدة ناقصا ويخطأ كما تخطأ عقول الناس بلا استثناء. ثم عندما نقول عقل الانسان هو ما يمتلك فهمه عن ذاته وحريته وحقوقه بالحياة وحقوق مجتمعه له او عليه. يكون العقل منقوصا بسبب محدودية الادراك ومحدودية الذكاء لديه ايضا. في معرفة ضبط سلوكه وتعامله السوي مع مجتمع يمتاز بسلوكيات متباينة وعواطف مختلف وما يتبعها من اخلاق وضمير وحب الخير ونزعة الشر التي تتلبسه وغيرها من مميزات نفسية عاطفية.
حين يختصر سيلارز الفيلسوف الامريكي اللامع قوله (الوجود لغة) لو نحن تعمقنا فهم هذه المقولة الصائبة المختزلة لكثير من التفلسف ان كل الوجود هو (لغة) لاغير. لعرفنا مدى اهمية اللغة بعد العقل في اهميتها التكوينية لوجود الانسان وماهيته بالحياة اي لكينونته الناقصة ادراكيا وليست الناقصة عضويا.
سيلارز الذي يقر بان الوجود بجميع تكويناته هو ادراك وتعبير لغوي انا اعتبرهذا الوجود حصيلة ناقصة ايضا. بسبب نقص الادراك اللغوي ونقص تعبير تداعيات ردود الافعال الاستجابية الواردة من العقل في تعامله اللغوي والسلوكي مع وعي الذات والعالم في تطابق تام متعذر او في اختلاف ناقص قائم.
بمعنى عبارة الفيلسوف الاميركي سيلارز انت لا تستطيع التعبير عن ادنى خاصية عقلية او سلوكية او نفسية او معرفية او علمية او جمالية او ما لا حصر له دونما وسيلة تعبيراللغة في نقصانها وليس في تمام تعبيرها.. علما ان فلسفة اللغة وعلوم اللسانيات اعتبرت خيانة تعبير اللغة بمثابة جعل البشرية تسير نحو مراكمة الاخطاء في كل مجال من مجالات الحياة التي صنعت التاريخ الانساني بمجمل تكويناته وقادته الى سلسلة من الاخطاء التي جعلت من تاريخ الفلسفة مثلا هو تاريخ تصحيح اخطاء مسارات حياة الانسان بسبب تعبير اللغة الناقص عبر التاريخ.
فيصبح معنا امام التسليم بحقيقة ان تاريخ الفلسفة وتاريخ اللغة , وتاريخ المعرفة والوجود هو تاريخ تصحيح الاخطاء التي وقعت بها هذه المسارات عبر العصور. ان نتيجة كل هذه النقائص والاخطاء الملازمة لها انما تكون في محصلتها الانسان وجود معرفي يتقادم على مر العصور تصحيح اخطائه بالحياة له ولغيره طيلة حياته. وتدخل اللغة وسيلة معرفية فيه بدءا من انثروبولوجيا الانسان وصولا وليس انتهاءا بالفلسفة والعلوم الطبيعية ومنجزات التكنولوجيا والنظم السياسية والديمقراطية المتحررة.
اليوم فلسفة العقل واللغة ونظرية المعنى تجد في تصحيح تاريخ اخطاء اللغة هو المدخل الوحيد في تصحيح اخطاء تاريخ الفلسفة والعلوم الطبيعية باكملها. وهكذا الحال في معالجة اخطاء اللغة وتكوينها الناقص في التعبيرعن باقي مسارات الحياة الخاطئة في متراكمها عبر العصور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.