مؤمن سليم يكتب | الصناعة والاستثمار

0 451

أظهرت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد المصري حاليًا حالة من النقاش والحوار المستمر حول كيفية تعزيز الاستثمارات وتنمية الصناعة، بهدف زيادة المدخلات من العملات الأجنبية عن طريق الاستثمار الأجنبي المباشر وزيادة الصادرات عبر تنمية الصناعة، والحد من نزيف الدولارات عن طريق تعزيز الصناعة الوطنية وإحلال الواردات.
إلا أنه وعلى الرغم من الأزمة الحالية إلا أنه لا يجب أن يكون التخطيط لتحقيق تلك الأهداف معلق على مدى قصير الأجل لحل الأزمة، خاصة في ظل المنافسة الشديدة على المستويين الإقليمي والدولي على جذب الاستثمارات وتنمية الصناعة، فمصر دولة ذات تاريخ عريق في مجال الصناعة، كما أنها أحد البوابات الرئيسية للاستثمارات الأجنبية نظرًا لما تمتلكه من موقع مميز وأصول ثمينة وعمالة رخيصة وثروات طبيعية.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية على مدار السنوات الماضية في مجالي الصناعة والاستثمار من خلال الاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقيات ترسيم الحدود التي خلقت لمصر مركز عالمي في مجال الغاز عبر اكتشافات الغاز في البحر المتوسط، والتي أعقبها تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، والتوسع في عمليات التسييل والتي انعكست على صادرات مصر البترولية بشكل غير مسبوق، وصاحب ذلك التوسع في تطوير شبكات الطرق والموانئ والمدن الجديدة. بالإضافة إلى جهود تنمية الصناعة من خلال مبادرات البنك المركزي لدعم الصناعة، ومؤسسة ابدأ التي تعمل عبر الشراكات الوطنية والأجنبية على تذليل العقبات الإدارية والفنية والتمويلية، بالإضافة إلى تنويع الصناعات وفقًا لاحتياجات المجتمع.
إلا أن كل ما سبق وفى إطار النظم العلمية والإدارية المتبعة يفرض علينا صياغته بشكل تكاملي عبر استراتيجية للاستثمار وأخرى للصناعة، نظرًا لكون الاستثمار هو عملية وأدوات جذب لرؤوس الأموال الأجنبية في مختلف المجالات الخدمية والتجارية إلى جانب الصناعة وهو ما يفرض تكامل كلا الاستراتيجيتين لتأثيرهما الواقع على بعضهما البعض.
كما أن استراتيجيات الصناعة تدور في علوم الاقتصاد الصناعي والاقتصاد الأخضر والدائري، والتي تتنوع بين نوع الصناعات (ثقيلة-خفيفة)، الفن الإنتاجي (كثيف العمالة- كثيف رأس المال) بالإضافة إلى الموارد ومدى وفرتها وندرتها بما ينعكس على تحديد الأسعار، وأخيرًا السوق المستهدفة (داخلي لإحلال الواردات- خارجي لتعظيم الصادرات). بينما تدور استراتيجيات الاستثمار في تحديد قطاعات الاستثمار المستهدفة (باحث عن الثروات- باحث عن الأسواق- الكفاءة في الأداء- أصول استراتيجية) وشكل الاستثمار (مشترك مع المستثمر المحلي أو الحكومة- استثمار مباشر مملوك بالكامل للأجنبي) بالإضافة إلى الحوافز المقدمة إليها.
أن تحقيق أهداف المصريين في استعادة مكانة بلادهم على مستوي العالم وتحقيق رخاء اقتصادي لهم، خاصة بعد التضحيات التي يقوموا بها منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016. يفرض علينا اتباع منهج علمي واقعي في التخطيط وصياغة الأهداف عبر الاستراتيجيات المتكاملة، على دراية بالسوق العالمي وحجم المنافسة، ويعالج المعوقات التي تأتي على رأسها تعدد جهات الولاية والبيروقراطية، ويدرك قيمة ثروات وموارد الدولة بما فيها العنصر البشري (المواطن المصري).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.